الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
اعتــــــــذار

حتى مطلع التسعينيات من القرن الماضي لم أكن أعرف أحداً من آل الحلفي غير الزميل جمعة الحلفي، الصحفي والشاعر الشعبي، الذي زاملته في أسرة تحرير "طريق الشعب" خلال فترة صدورها العلني الأولى (1973 – 1979)، قبل أن يجمعنا المنفى السوري مرة أخرى في الثمانينيات.

جاسم الحلفي، العضو النشيط في المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي، كان الحلفي الثاني الذي أتعرف إليه في حياتي .. جمعتنا في كردستان العراق مرات عدة تجربة النضال في حركة الأنصار بالنسبة له والعمل الصحفي بالنسبة لي. كان ذلك بعد اندلاع انتفاضة آذار 1991 مباشرة، فقد كنت دائم الذهاب إلى كردستان، المتحررة للتو من حكم صدام، في مهمات صحفية انطلاقاً من دمشق أو من لندن، وكان جاسم يومها، كما هو اليوم، من العناصر الحزبية الشابة المميزة في نشاطها وحيويتها وشجاعتها وإيثارها، وهو ما كان مصدر جذب لي لإقامة علاقة صداقة معه لم تزل قائمة حتى الآن.

أما حمزة الحلفي، الشاعر الشعبي كجمعة، فلا أتذكر بالضبط متى سمعت باسمه وعرفت بأنه شاعر شعبي، الأرجح أنه بعد سقوط نظام صدام، وأنا لست من متذوقي هذا الشعر ولا من متابعي حركته، لكن لا أدري كيف استقر في ذهني أنه كان من مدّاحي صدام حسين وسياساته ومن المتزلفين للعهد الجديد. هذه الفكرة هي التي جعلتني منذ أن بدأت أزور بغداد تكراراً، بعد سقوط نظام صدام ثم بعد عودتي واستقراري في بغداد قبل أربع سنوات، أتفادى المواجهة والعلاقة المباشرة معه في المناسبات العامة القليلة التي جمعتنا .. لم أكن أرغب في إحراج نفسي وإحراجه بموقف يمكن له إثارة المواجع الناجمة عن ظني بانحيازه إلى جانب صدام.

الجمعة الماضية كنت في ساحة التحرير عندما رأيت حمزة يعتلي منصة الساحة بين نشطاء التظاهرات في الركن الذي اعتاد متظاهرو التيار المدني اتخاذه لأنفسهم، ويلقي شعراً .. شعرت بالانزعاج ساعتها (استناداً إلى الفكرة المترسخة في الذهن)، ووجد ذلك الشعور ترجمته في عمودي اليومي "شناشيل" في "المدى" يوم الأحد الماضي، الذي لم أورد فيه اسم السيد الحلفي لأن القضية بالنسبة لي لم تكن شخصية.

الآن يتبيّن لي أنني كنت على خطأ كبير في موقفي من حمزة الحلفي وفي ما كتبت عنه، وأنني لم أكن أعرفه كما يجب عليّ أن أعرف، وأنني بقيت فترة طويلة أسير فكرة باطلة عنه.

ما من أحد لا يُخطئ، وها أنني قد وقعت في خطأ حيال حمزة الحلفي، هو خطأ أخرق في الواقع يعادل ألف خطأ بحسب توصيف الصديق رسام الكاريكاتير سلمان عبد الذي علّق على ما كتبت بـ: "غلطة الشاطر بألف"، لذا أعلن اعتذاري الشديد ألف مرة إلى حمزة الحلفي الذي لم يحصل أن تواجهنا مرة في حياتنا.. والاعتذار موصول ألف مرة أيضاً إلى أصدقائنا المشتركين وإلى سواهم ممن أغاظهم ما كتبت، وهم على حق، وإلى قراء "المدى" أيضاً، والى إدارة "المدى" وزميلاتي وزملائي الذين لا يتحمل أحد منهم أي مسؤولية عن خطئي هذا.

هذا الاعتذار لن اكتفي به، فسأسعى عند عودتي إلى بغداد من سفرتي الحالية إلى الخارج، للاعتذار المباشر منه الى حمزة الحلفي مواجهة، سيكون ذلك للمرة الأولى في حياتنا، وبالطبع سأكون شاكراً له إن قبل بالاعتذار، وسأتفهم عدم القبول إن اختاره.

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 24-11-2015     عدد القراء :  2526       عدد التعليقات : 0