الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
ماذا لو توقفت التظاهرات؟

"1"

يوشك أن يتعتق خمر حزنك في خابية الروح، مثلما توشك صباحات بغداد على أن تلملم خيوط أشعة الشمس عن جدران مبانيها وهي خجلة من برد الشتاء الذي بدأ يزحف كجيش محتل لبلاد معدومة المقاومة، بين خمر حزنك وشتاء بغداد أكثر من وشيجة للحب والخصام في آن، وشيجة الحب تجرجرك من ياقة قميصك إلى حيث ذكريات عذبة عشتها أيام صباك، يوم كنت تعرف الحياة فقاعة عليك أن تتصورها قبل أن تنفجر، لهذا تجاوزت اللهو والعبث ودخلت عالم الالتزام، وقد أفرغت خابية حزنك من محتواها وهيأت فراغها لفرح أتضح أنه موؤد، أما وشيجة الخصام فقد أتضحت خيوطها منذ اليوم الأول الذي دخلت فيه بغداد بعد فراق دام أكثر من ثلاثة عقود من السنين، حينها تمنيت لو.....

"2"

هذه الـ لو لا تحتمل أكثر من مفصلين، أو بعبارة أخرى أما السالب منها وإما الموجب، وفي كلتا الحالتين يكون هناك تداخل واضح، يجعل النتيجة تبدو وكأنها تحمل صفات من السالب والموجب، ودائرة الـ لو هذه واسعة وسع الكرة الأرضية، لأنها تشكل كل أطراف عالم الأمنيات بالنسبة للموجب، مثلما تشكل أطراف كل الانكسارات بالنسبة للسالب، فمثلما يكون التقدم والتطور أولى عالم الأمنيات، يكون أولى عالم الانكسارات التوقف.

"3"

والتوقف حالة بطبيعتها مؤقتة خاصة إذا كانت مرافقة لفعل إنساني، حين تختفي العوامل التي أدت إلى حدوث التوقف، خاصة أذا تزامن اختفاء هذه العوامل مع نشاط أنساني مشابه أو مقارب للفعل الذي أصيب بالتوقف، وبهذا لا يكون للتوقف معنى مطلقا، بل هو أمر نسبي يزول بزوال المؤثر، فماذا لو توقفت التظاهرات؟

"4"

التظاهرات لا بد أن تتغير حالتها أما أن تتوقف أو تأخذ شكلا أخر يكون امتدادا لفعلها الإنساني، في الحالة الأولى وهي متوقعة رغم قناعة وإصرار لجان التنسيق على استمراريتها، لكنها في حالة التوقف تكون قد راكمت أرثا نضاليا شعبيا وساعدت على كسر حاجز الخوف إزاء أي نظام قادم، وأما في الحالة الثانية فأنها سوف تأخذ الشكل والمعنى الذي تكون فيها. وبهذا اعتقد ليس جازما أن التوقف ليس حالة سلبية في حال حدوثه سيما والتظاهرات تركت بصمتها على مسار نظام الحكم القائم وعلى العملية السياسية برمتها.

"5"

وانسجاما مع فكرة الـ لو أكرر مقطعا شعريا للشاعر الراحل كاظم إسماعيل الكاطع

(شجرة التخسر ثمرها،

أتاني موسم ثاني جاي،

الخناجر ما ترد صدر اليهد وسلاحه جرحه،

البير كلما غرگن جرحه المساحي،

إيزيد ماي)

  كتب بتأريخ :  الخميس 26-11-2015     عدد القراء :  2658       عدد التعليقات : 0