الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
أقنعة التقوى لا تخفي المرائين

من المسائل التي تجسدت في الثقافة الدينية ، هو أن محبة عمل الخير ومساعدة الضعيف وخدمة ابناء الشعب ، أضحت أحدى وسائل التعبير عن التقيد بالتعاليم السماوية . هذه الصفات الحميدة تَزرعها العائلة في فكر أطفالها منذ نعومة أظافرهم ، لتَدخل اسلوب حياتهم ، و تصاحب نشاط حركة أعمالهم و تصرفاتهم اليومية . تواصل تعزيزها وتنمية طرق ممارستها عمليا وبشكل جمعي ، المدرسة واﻷحزاب الوطنية ، وهي من يقف وراء تعزيز روح اﻹنتماء للوطن و خدمة مواطنيه على اساس المحبة والتسامح من هنا جاءت مقولة بك بعد الله نعتصم .

هذا ما لم تفعله القوى الظلامية السلفية من داعش وأخواتها ، حيث أولياتهم تنصب على نشر الكراهية ، وزرع الحقد بين اﻷطفال وترويضهم على إعتناق التعصب الديني  وتكفير الآخر ، والقيام بأعمال إرهابية ضد كل من لا يخضع لمشيئتهم ، ويتبنى أفكارهم المشوهة للقيم اﻹنسانية ، بالعمل على غسل أدمغتهم، بنيل مكاسب أخروية عند قتل كل من يعادي فكرهم اﻹرهابي

إن المفاهيم  المعمدة بالمحبة والتسامح ، وإتباع العدل والصدق في معاملة الناس جميعا ، بغض النظر عن إنتماءاتهم العرقية والدينية ، أضحت قواميس لبرامج اﻷحزاب الوطنية ، تعكسها سلوكيات أعضائها   ، حتى أصبحت الحياة بالنسبة لهم رخيصة مقابل الدفاع عن حرية الوطن والكلمة ، متحوله لديهم إلى   علاقة وحدانية بينهم وبين الناس ، لا يهمهم ما يُتخذ بحقهم من أجراءات تعسفية من سجن وتعذيب  السلطات التي لا تعير اي إهتمام لحرية الكلمة و للموقف الوطني ، كما حصل للمتظاهرين الذين يطالبون باﻹصلاح ، ومحاربة الفساد ، حتى أن البعض منهم لا يُعرف مصيره كالشحماني ، ومؤخرا لما حصل للمناضل الربيعي الذي إستجاب لمطاليب ناسه وكشف عن تجيير املاك الدولة ﻷشخاص مدعومين من قبل السلطات المحلية

الكثير من إدعى التدين والتقيد بتعاليم اﻹسلام ، ناهض إحقاق الحق ، بلباس ديني ، متباهيا ومغاليا به أمام الناس ،دون مضامين فعلية بإلتزام مذهبي وديني حقيقي . تدفعهم لهذا الترائي مآرب ذاتية ، تتمحور حول كسب عواطف الناس البسطاء ، بينما يرى فيها اﻷغلبية منهم ، أحد أنواع  المغالطة ، و أقنعة لتغطية ما تريده نوازعهم الذاتية ، وخاصة عند مساهمتهم بالمناسبات المذهبية والدينية ، على أهمية ذلك لكونه حق شرعي لهم . إلا أن التعبير عنها بشكل مبالغ به ، ومن أفراد تقع عليهم مسؤولية محاربة الفساد ، وصيانة المال العام ، ما هو إلا ذر الرماد في العيون ، في وقت يتطلب منهم الوقوف بجانب جماهير الشعب المطالبة باﻹصلاح ومحاسبة الفاسدين لا عرقلة ومناهضة ما يطالب به اﻷغلبية العظمى من أبناء الشعب ، وجعل مشاركتهم في خدمة المواكب منطلقة من مفاهيم الحسين ، و ما أراد أن يبعث به من رسالة للأجيال القادمه ، فإستشهد ورفاقة اﻷبرار من أجلها ، في وقت كان يدرك أنه يواجه جيوش جرارة ومنظمة ، بينما هو وأصحابه الكرام ليس لديهم من قوة سوى كلمة الحق ، وعزم التصدي للظلم والفساد ، الذي سُيدَ على مقدرات اﻷمة اﻹسلامية ، تحقيقا لمبداء هيهات منا الذلة

.

فالمتدين الحقيقي يعرف جيدا ، أن علاقته بالرب وصلاته في أماكن عبادته تتم بكتمان وسرية ، ولا يعلن عنها سوى للخالق ، ويشهرها فقط لرجل ديني يثق بتدينه ، ويعلن إعترافه بأخطاءه أمامه ، و تُعتبر من المقدسات التي تُربطه بالرب ، أما لبس رداء التدين ، والتظاهر بمظهر الورع واﻹيمان ، بينما يداه وحتى ملابسه تفوح منها رائحة الخداع والرياء للقاصي والداني .

هذا ما شوهد من مشاركة البعض من قادة اﻷحزاب اﻹسلامية في المواكب الحسينية ، وهم يقوموا بخدمة الزائرين ، ويصوروهم ، دون علمهم ، لتنشر في وسائل التواصل اﻹجتماعي . لقد أثار هذا ، الريبة وإستنكار العديد من أبناء الشعب ، خاصة وأنه يعتبرهم مسؤولون عن ما وصلوا اليه من مآسي وويلات ، تحولوا في ظلها ، الى مالكي ملياردات في الداخل والخارج ، دون مسائلة من اين لهم ذلك ؟، وبأﻷمس كانوا يشاطرون فقراء الشعب المغلوب على أمره أزماته ومآسيه .

من يريد أن يعبر عن محبته للحسين ، عليه نهج الطريق الذي أدى به الى أستشهاده وأصحابه اﻷبرار ويعمل على نصرة المظلومين ، ويقف مع الجماهير في محاسبة الفاسدين ، ويتبرع على أقل تقدير من مليارداته للفقراء ، ويبني المدارس والمستشفيات ليُكفر بها عن ذنوبه ، كما يفعل أغنياء العالم في دول عديدة في العالم ، فمن من قادة اﻹسلام السياسي الورعين دينيا (إلا ما ندر) وقف في ساحة التحرير وتضامن مع المتظاهرين ، ودعا لمحاسبة سراق المال العام ، الذي به أصبحوا ملياردرية  يستثمرون أموالهم خارج الوطن

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 08-12-2015     عدد القراء :  3204       عدد التعليقات : 0