الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
بإنتظار السبع العجاف

قد يكون الانتصار الاخير بعودة الرمادي محررة الى حضن الوطن أحد أهم اسباب تفاؤلنا بمستقبل وطننا ، لقد أدخل هذا الانتصار الفرحة لقلوب أبناء شعبنا من شماله الى جنوبه وهذا دليل واضح على أن شعبنا متوحد وقلوبنا على ساقية واحدة تجري بحب وطنها ، وما حدث من فرقة لم تنشأ من بين أزقة الوطن ومحلاته المفعة بالحب وحسن الجيرة بين كل الطوائف ؛ بل أنشأتها يد خبيثة أدمنت خبثها لفرقتنا حتى تجشأت رائحة دماء ابناءنا من كل الطوائف القوميات.

إلا أن الأشد وطأة على قلوبنا اليوم بعد الارهاب ؛ هو أزمتنا الاقتصادية التي تنذر بسنين عجاف علينا التوحد لمواجهتها ، فالشعب والحكومة الطرفان الرئيسيان في حل تلك الازمة على الرغم من أن الحكومات السابقة تتحمل الوزر الاكبر فيما يحصل اليوم وما يدور من حديث عن أزمتنا الاقتصادية وبكل تبعاتها الاجتماعية والامنية على الشعب ، الجهاز المركز للإحصاء كان قد أصدر موجزه الاحصائي لعام 2014 ، لقد أحتوى هذا الموجز على أرقام لا تمثل مطلقاً طموح العراقيين في حكومتهم فعلى سبيل المثال  قيمة صادرات العراق السلعية ، بإستثناء النفط ، لعام 2013 تعادل 340 مليون دولار فقط لاغيرها في حين أن مئآت المليارات كانت قد "هربت" من العراق بإتجاه دول الجوار لتغطية إستيرادات "مخجلة" ، وحدها تركي "الجارة الشمالية" قدم لها العراق في عام 2014 ما قيمته 16 مليار دولار كتبادل تجاري كما أعلن ذلك عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار في مجلس النواب السيد احمد الكناني في 16/ كانون الاول الحالي "أن قيمة التبادل التجاري بين العراق وتركيا هي 16 مليار دولار، مبيناً أن هذه القيمة كلها لصالح تركيا لان العراق لا يصدر شيء " . نعم فصادرتنا لتركيا وبموجب الموجز الاحصائي بلغت 13 مليون دولار فقط في ميزان تجاري غريب لصالح تلك الجارة ، مع أن كل مصائبنا قد تكون صناعة تركية بحته ، ولغاية اليوم تتعرض الملايين الدونمات الزراعية الى الهلاك بفعل تحكم تركيا بالمياه الداخلة للعراق وحين يفقد نهرينا 40% من مياههما بفعل تلك التصرفات مما يعجل علينا بالسنين العجاف.

أما إيران " الجارة الشرقية" فحجم صادرتنا لها بلغت 22.5 مليون دولار فقط في حين أن استيرادتنا منها بلغت 18 مليار دولار منها 6 مليارات دولار غير نفطية وهذا ما أكده الملحق التجاري الإيراني في العراق السيد محمد رضا زادة في تموز من هذا العام مؤكداً سعي إيران لزيادة حجم صادراتها لتصل الى 20 مليار دولار خلال الفترة المقبلة ، في حين أن ايران لاتقل تأثيراتها الاقتصادية من جانب المياه على العراق عن تركيا وبلا حلول واقعية ونحن في طريقنا مكرهين الى العجاف .

صناعتنا مصدر مهم لثروتنا التي نحاول اليوم جاهين أن نعيد ثقة المواطن بها أولاً من خلال دقة الصناعة وجودتها وزيادة انتاجيتها وزيادة قيمتها المضافة التي تعتبر أحد أهم عوامل "محاربة" الميزان التجاري الغير متكافيء نهائياً بيننا وبين الدول الجارة ، نحن أمام مواجهة حقيقية اقتصادية يجب أن نحسن التعامل معها بدقة متناهية تكفل لنا الحفاظ على الواردات النفطية المحدودة بفعل إنخفاض أسعار النفط مقابل موجة الاستيرادات "الغير منطقية" التي تتزعمها مافيات التجار من زمرة "مزاد العملة للبنك المركز العراقي" .

سوف لن نتمكن مطلقاً من معالجة إقتصادنا الريعي دون أن يكون لنا سند أساسي في ذلك ، الشعب مصدر الهام كبير وصانع الانتصار والقادر على تحقيق التغيير المنشود ولكنه ، الشعب ، طوعته الأزمات المتلاحقة التي اصطنعتها يد الحكومات السابقة وافقدته الثقة بصناعته الوطنية وحتى بنظامه المصرفي  ، نحن بحاجة لشعبنا ليكون حشدنا المدني الذي يقاتل بضراوة للوقوف أمام الازمة الاقتصادية كما وقف الحشد الشعبي أمام الارهاب ، وحاجتنا أكثر لنعيد النظر بقائمة استيراداتنا ونسقط منها ما نتمكن من حث رجال الصناعة على تقديم غلته من ارض الوطن ، فكم هو خبر بطعم السكر ذلك الذي أعلنه وزير التجارة وكالة السيد محمد شياع السوداني ، قبل أيام ، ان "الوزارة اوقفت استيراد السكر من الخارج بسبب الاكتفاء الذاتي من الانتاج المحلي" على حد وصفه ، في حين أن العراق كان يستورد مليون طن من السكر سنوياً لأغراض البطاقة التموينية ، واليوم بحاجة الى الطحين والرز والزيوت كلها من الممكن توفيرها بدعم حكومي للصناعة الغذائية والزراعية من خلال نظام حوافز قوي يشجع على ديمومة الانتاج وقوته وبخطة إنتاج نهيء لها مستلزمات النجاح وأهمها أن نعيد ثقة شعبنا بنا كحكومة قادرة على تجاوز المحن سيساعدنا بذلك ادامة النصر في الرمادي وإكمال احكام قبضة الدولة على المدينة وإعادة اهلها اليها.

النصر اليوم هو نصر الشهداء من ابناء شعبنا من شماله الى جنوبه ، وتلك الدماء بحاجة الى عمل دؤوب لرد الدين لها ببناء المستقبل الذي ذهبت اكراماً له من خلال ادامة الامن الغذائي العراقي وتوسيع مدخلات الموازنة علها تساعدنا في مواجهة السنوات العجاف القادمات .

zzubaidi@gmail.com

  كتب بتأريخ :  الخميس 31-12-2015     عدد القراء :  2751       عدد التعليقات : 0