الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
فرحة ناقصة

الأميركيون فرحون بتحرير مواطنيهم المترجمين الذين اختطفوا في بغداد قبل شهر.. أجهزتنا الأمنية ، وبخاصة وزارة الدفاع وجهاز المخابرات الوطني، فَرِحة هي الأخرى بإنجازها الذي أدخل السرور إلى قلوب الأميركيين، لكنني لم أفرح مثل الأميركيين وأجهزتنا الأمنية مع أنني أكره كل عمل تعسفي وإرهابي، وكل ما يصادر حرية البشر ويعرّض حياتهم للخطر.

لستُ فرحاً ، لأن العمل الذي قامت به أجهزتنا الأمنية ناقص على نحو خطير .. نعم، إنه عمل عظيم أن تحرّر مخطوفين وتعيدهم إلى الحرية والحياة الطبيعية وإلى عائلاتهم وأحبّتهم، لكنه عمل عظيم أيضاً أن تقدّم أجهزتنا الأمنية المعلومات الكاملة عن عملية الاختطاف وعن الجهة أو الجهات الخاطفة، عصابة إجرامية أو ميليشيا أو جماعة سياسية "متعفرتة."

لنا كامل الحق في أن نعرف كل ما يتعلق بهذه العملية، وبكل عملية على غرارها. هذه المعلومات مفيدة لنا في تنويرنا بالطرق والأساليب والوسائل التي تتبعها العصابات أو الميليشيات أو الجهات السياسية المتعفرتة، إن للابتزاز المالي أو لتصفية الحسابات السياسية، فالوعي بهذه الطرق والأساليب والوسائل ينفع في مجابهة الجرائم وتجنب الوقوع ضحية لها.

ومن اللازم أيضا فضح المجرمين، ففي هذا عبرة لهم ولغيرهم، وفيه أيضاً ما يحدّ من وقوع الجرائم من هذا النوع، وهذا من واجبات الأجهزة الامنية الاساسية.. واجبها لا يتحدد في ملاحقة المجرمين والقبض عليهم وتقديمهم إلى العدالة، وإنما كذلك في الحؤول، قبل ذلك،  عن وقوع العمل الإجرامي.

التكتيك الذي غالباً ما تنتهجة الأجهزة الأمنية في تحاشي فضح الجهات مرتكبة هذا النوع من الجرائم غير صحيح، لأنه غير مثمر.. إنه يشبه تكتيك هذه الأجهزة وهيئة الحشد الشعبي في الكلام العمومي عن "العناصر الدخيلة" على الحشد، أو "منتحلي صفة الحشد" الذين قررت قيادة الحشد أخيراً أن تلاحقهم .. هذا كلام غير مثمر هو الآخر .. إنه أقرب إلى محاولة التستر على أولئك الذين يرتكبون التجاوزات على القانون والتعدّيات على الناس وممتلكاتهم وعمليات الابتزاز باسم الحشد الشعبي .. هؤلاء المتهمون بأنهم عناصر دخيلة على الحشد ومنتحلة صفة الحشد هم في الغالب عناصر في الميليشيات المتكاثرة على نحو مقلق للغاية، تمارس تجاوزاتها وتعدياتها وابتزازها علناً من دون خوف أو وجل، بل إنها لا تتردد حتى عن التجاوز على أفراد وتشكيلات الأجهزة العسكرية والأمنية الرسمية المرابطة في الشوارع والأحياء السكنية ونقاط التفتيش !

الامتناع عن تسمية الأشياء بمسمياتها غير نافع، لأنه يشجّع المجرمين على ارتكاب المزيد من الجرائم، ويحضّ المتجاوزين والمعتدين على مواصلة تجاوزاتهم واعتداءاتهم ... عدم الكشف عمّن خطف المترجمين الأميركيين وعمّن "ينتحل" صفة الحشد الشعبي، لن يحول دون وقوع المزيد من جرائم الخطف أو المزيد من عمليات "انتحال الصفة".  

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 17-02-2016     عدد القراء :  2220       عدد التعليقات : 0