الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
الاتهام (الجاهز) مسلك المأزوم ..!

التفجير الارهابي في العاصمة التركية مساء الاربعاء وضع الرئيس التركي ورئيس حكومته وحزبه ومنهجهم السياسي في زاوية ضيقة أمام شعبهم وأمام العالم، بعد سنوات من الأداء (العبثي) في سوريا والعراق، لتنفيذهم أجندات أمريكية لإدامة الفوضى الممهدة لرسم خرائط جديدة للمنطقة، تخدم تكريس الاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية وترحيل تداعياته الى أواخر قائمة الاهتمام العربي والدولي بحقوق الشعب الفلسطيني، بعد ستة عقود من الاحتلال.

النشاط المستمر لحزب السلطة في أنقره بمسلسل الدمار في سوريا والعراق، من خلال سيناريو دعم الارهاب (مقاتلين وتجهيزات ودعم لوجستي )، كان ولايزال العامل الأهم في ديمومة الصراع المسلح المفضي الى مئات الآلاف من الضحايا وملايين النازحين والمهاجرين، اضافة الى نتائجه المتجاوزة حدود التوقعات في دمار البنى التحتية وتجذير الصراعات الطائفية والاثنية في هذه المجتمعات المتآلفة منذ فجر التأريخ .

لقد تجاوز الرئيس التركي ورئيس وزرائه (خطوط) الحلم السياسي والاتزان الذي تفرضه المناصب الكبيرة على الساسة في الأحداث النوعية التي تتعرض لها البلدان التي يقودونها، وتناسوا وظائفهم في (امتصاص) صدماتها والعمل على معالجتها بأقل الخسائر، والاستفادة منها في تصحيح الأخطاء التي سمحت بحدوثها، ليعلنوا (قدرتهم) على الرد في توقيتات يختارونها ومواقع يحددونها، كأنهم يقودون عصابات ترد على أفعال عصابات أخرى، مع أن الضحايا هم من العسكريين والمدنيين المكتوين بسياساتهم الرعناء المسؤولة عن العنف خارج تركيا وداخلها، ومتناسين أن دماء الشهداء بلون واحد ولاتحكم أفضليتها الجغرافية !.

ليس غريباً ولا عجيباً أن (ينفعل) الرئيس التركي ورئيس وزرائه بعد (دقائق) من التفجير الارهابي في أنقرة ليوجهوا اتهامهم( الجاهز) الى أعدائهم السياسيين ، وكأن هؤلاء الأعداء قتلة وأرهابيون كما وصفهم حزب الرئيس وأعوانه، متناسين الطيف الواسع من المجرمين وشذاذ الآفاق واللصوص الذين تستضيفهم حكومة الرئيس ودوائر مخابراته من دول العالم لأعدادهم وتدريبهم وتجهيزهم وتسيرهم قوفل ومجاميع لسوح الحروب في سوريا والعراق، واستقبال جرحاهم في المستشفيات التركية .

لم ينفعل الرئيس التركي ولا رئيس وزرائه ولا عموم أعضاء حزبه ولا أسيادهم الأمريكيون والأوربيون لآلاف التفجيرات الارهابية الدموية في بغداد وباقي المدن العراقية طوال السنوات الماضية، وهم يعرفون بالمطلق أن عصاباتهم الاجرامية هي المسؤولة عنها، ورغم ذلك استنكرت وزارة الخارجية العراقية تفجيرات انقرة ودعت الى تظافر الجهود لمواجهة الارهاب الاعمى بعيداً عن( المحاور الاقليمية)، وهي دعوة حكيمة ومفيدة للجميع، عسى أن يستمع لها طاقم الحكم التركي الذي لازال منغمساً في تصوراته الخاطئة في التعامل مع دول المنطقة والعالم.

أن الاتهام الجاهز الذي تبنته المؤسسة السياسية التركية سريعاً بعد تفجير أنقرة يعبر بالمطلق عن حالة (المأزوم ) المتسرع في أطلاق تصريحاته لتبرير الحدث، وهو مرتبط بمجمل الأحداث التي وضعت حكومة تركيا ورئيسها في زاوية لا تحسد عليها بعد اسقاط الطائرة الروسية التي أسست لواقع جديد حرم تركيا من متابعة تنفيذ دورها المهم في سوريا، بالرغم من استنجادها بالحلف الأطلسي الذي فضل التوافق مع موسكو، وعليه لم يجد الرئيس ولا رئيس وزرائه (كبشاً) لتفجيرات أنقره سوى الأحزاب الوطنية التي تناضل من أجل حقوق الكرد في تركيا، التي يستنكرها عليهم حزب أردوكان المستميت بالدفاع عن حقوق الشعوب العربية !.

  كتب بتأريخ :  الجمعة 19-02-2016     عدد القراء :  3684       عدد التعليقات : 0