الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
فائق بطي...تاريخ زاخر بالعطاء

  يبدو من نافل القول أن الكتابة عن شخص أفنى سنوات عمره من أجل قضية آمن بها ، وأستعد بكل طاقته من أجل النهوض بها ، لا بل حتى أن اقتضت أن يقدم حياته ثمنا من أجلها ، هي كتابة تقف على الجرف مثلما يقولون ، ما دام هذا الشخص يسير على جمر الطريق التي سلكها، وهو يحمل في يده شعلة حرية الصحافة وكأنه بروميثيوس حين حمل شعلة النار من أجل البشر، والفرق أن بروميثيوس نال عقوبة الآلهة ، وفائق بطي نال عقوبة كل الحكام الذين تناوبوا على دفة الحكم في العراق ، ربما ولدت الصحافة معه حين جاء إلى الدنيا ، وحملها في قلبه وفكره ، وبين أضلعه دفئا يتقي به زمهرير الحياة ، وسطرها  قلمهُ تعويذةً تحميه من حقد الحكام ، وأمست الصحافة عند فائق بطي راية ً  ترفرفُ بمعاني الحرية والفرح وسعادة الإنسان .

ورغم رغبتي الكبيرة في التعرف عن كثب على هذه القامة الاعلامية التي كانت مدرسة في الصحافة العراقية ، إلا ان الحياة ومعرفتي به لم يوفرا لي سوى لقاءات عدة في الفترات التي يتواجد فيها بيننا ، وعلى قلّة هذه اللقاءات ، إلا انها وفرت لي امكانية التعرف على جوانب من شخصيته الهادئة المتواضعة المحبة للحياة والمليئة بالتفاؤل ، كان يجيد الانصات والإصغاء للأخر ويشجع محاوريه على ابداء الرأي . وجدت في فائق بطي سليل العائلة الصحفية المعروفة في العراق  حرصا على تلبس كل  حروف كلماته ، الى جانب سعيا ملحوظا للأخذِ بيدِ من يريدْ أن يتعلم . كان يملك من الرغبة على نقل خبراته الحياتية وتجربته الثرّة للآخرين حدا لا تملكه غير السنابل الممتلئة .

عند رحيله استدرجني الأنترنيت للبحث عما كتبَ عن الراحل فائق بطي ، فوجدت أكثر من مائة صحيفة ومنظمة وحزب ودائرة رسمية تنعي عميد الصحافة العراقية وشيخها ، وتنعته بما يليق به وبتاريخه النضالي والصحفي الثَر كانسان نذر نفسه وقلمه من أجل وطن ينعم بالاستقلال وشعب يعيش السعادة.

مرحى لك يا سيدي يا من غادرتنا ، وأنت تحمل بين أضلعك حب العراق وأهله وناسه .

  كتب بتأريخ :  الأحد 28-02-2016     عدد القراء :  2559       عدد التعليقات : 1

 
   
 

Guest

رثاء عميق المعاني وانيق الأسلوب لشخصية تستحق الاحترام والذكر الطيب ، شكرا لك سيدة سلاف .