الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
شعب خُلق ليعترض .. لماذا ؟

الشعب العراقي الكريم بكل طوائفه ، يخيل للكثيرين بأنه شعب خُلق ليعترض فقط ، على الرغم من أن شعبنا شعب مثقف وطني مُدرك لما يمر به وطنه العظيم من أزمات أقتصادية وسياسية عاصفة قد تطيح بكل ما تم بنائهم ، خطأً ، بعد عقود من الزمن ، فكل ما تطرحه الحكومة من قرارات  في محاولة عقيمة لتحييد مسارات الأزمة الاقتصادية خوفاً من تهوي بيه لمنزلق كبير  تخص التقشف في كل شيء ؛ حتى تظهر صور الاعتراض على ذلك عن طريق اللقاءآت الإعلامية والشعبية ورسوم الكاركاتير والمظاهرات الكبيرة .

وعلى سبيل المثال ، في مجال الكهرباء ، عندما حاولت الحكومة ، بصورة مرتبكة غير مدروسة ، زيادة تعرفة أجورها ثارت ثائرة الكثيرون وحتى أعضاء البرلمان ، في حين أن العراقيين يدفعون أضعاف تلك المبالغ لأصحاب المولدات الاهلية لقاء بضعة أمبيرات وبفولتية منخفضة ! وفي مثال آخر عندما حاولت مديرية المرور العامة زيادة الغرامات على "المخالفين لتعليمات المرور" ، ضجّ البرلمانيون بالإعتراض وحينما حاولت إستقطاع جزء من الرواتب لدعم إخوانهم في الحشد الشعبي وحينما حاولت إستقطاع ألف دينار لصالح الرعاية الاجتماعية ناهيك عن الاعتراض على تعرفة المستشفيات الحكومية وغيرها .. كل تلك القرارات كانت تجابه بالرفض القاطع . فلماذا هذا الرفض لتلك الإجراءآت الحكومية؟ في حين دول الجوار عانت من إنخفاظ اسعار النفط وبدأت في سياسة تقشفية تضمنت رفع أجور الوقود والكهرباء والماء ولم نلحظ أي إعتراض من قبل جماهيرها .

السبب أيها الاخوة يكمن في أن العراقيين لا يمكن مقارنتهم بأي حال من الاحوال بشعوب الدول المجاورة لأسباب كثيرة ، أهمها أن الفساد لديهم محدود والخدمات لديهم على اتمها بل أن في بعض دول الخليج يتم إبتكار تنوع فريد في مجال الخدمات العامة ، ووجود الثقة بقدرة تلك الحكومات على القيام بواجباتها تجاه شعوبها على أتم وجه ؛ جعل الاجراءآت الحكومية محل ترحاب من قبل شعوبها لا إعتراض وتظاهر .

في العراق لم تأبه الحكومات بأهمية تلك الثقة وداومت على الانتهاك الصارخ لحقوق المواطنين في كل شيء ، الصحة والتعليم والسكن ، في كل مناح لحياة كان الخرق الواضح حقوقهم مما جعلهم في أزمة حقيقية مع الحكومة وليس من السهولة بمكان إقناعهم بالإجراءآت الحكومية التقشفية والجميع بات على علم اليقين بأن هناك مايزيد على الـ 300 مليار دولار هربت الى خارج البلد تعكف اليوم بمماطلات ومعوقات كثيرة لجنة برلمانية لاستعادتها دون جدوى ، فكل عملها يصطدم بتيار الفساد العالي .

العراقي اليوم يخاف التبرع بجزء من راتبه للحشد الشعبي ومسؤلوه يصرحون بين الحين والآخر بعدم إستلامهم لرواتبهم ناهيك عن الفساد الذي ضرب ملف النازحين وغيرها من ملفات الفساد التي إدامت تلك العتمة في الثقة  ، الفساد أضاع على الحكومة فرص كثيرة وسنحتاج الى وقت طويل لتغيير وجهة نظر الشعب بكل العملية السياسية ، وسيضل شعبنا يعترض حتى ينبري أحد ما ليقدم له كابينة حكومية متكاملة هدفها الاول أن تضمن الحقوق الكاملة له دون تمييز على اساس الطائفة أو القومية ، حكومة تعمل على تثبيت عرى العدالة الأجتماعية في أجمل صورها .

سوف لن تحصل الحكومة على شيء من شعبها مالم تبادر هي في تقديم بوادر حسن نيتها في إجراءآتها من خلال ضغطها على مؤسساتها كافة لتقديم أعلى مستوى ممكن من الخدمة العامة وبما يتناسب والأزمة الهالكة التي يمر بها الوطن .. وحتى ذاك سنضل نعترض وكأننا شعب خُلق ليعترض .

zzubaidi@gmail.com

  كتب بتأريخ :  الإثنين 29-02-2016     عدد القراء :  2466       عدد التعليقات : 0