الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
وردة ُ بنفسج ٍ لمعلمتي الأولى

رعشة ٌ من حنين وشوق تسري في كل كياني ، وأنا أستعيد ُ ذكرى أول َ يوم ذهبتُ به إلى المدرسة ، لم تكن الطريق إلى المدرسة طويلة ، قادتني أ ُمي من يدي ، وأنا احمل ُ على ظهري حقيبة ً ، جاءني بها والدي قبل أيام ،مرسوم عليها صورة ميكي ماوس ، وضعت أمي بها دفترا ً وأقلاما ملونة ، أتذكرُ جيدا ً صدريتي الزرقاء وتحتها قميص أبيض ، وحذائي الأبيض وشرائط شعري البيضاء ، دخلت ُ إلى بيت يملئه الضجيج ُ، وهذا الضجيج كان أول َ صدمة لي ، أنا الغارقة في الهدوء ، ويبدو أن أمي أرادت أن تـُريني ، هذا الجمع من الاطفال ، فألتصقت ُ بها خوفا وأستغراباً من عالم الضجيج هذا ، مما أضطرها أن تذهب بي إلى أدارة المدرسة ، وبحكم الخجل القابع في روحي ، ألتصقتُ أكثر بأمي واضعة ُسبابتي في فمي ،تقربت مني امرأة ، سألتني والابتسامة تطفح من عينيها ووجهها ، ( الـلـــــــه هاي الحلوه شسمهه ) فأزداد رعب الخجل في روحي ، وأردت أن ادخل بين ساقيِّ والدتي ،جذبتني المرأة إليها ، وطبعت قبلة على وجنتي ، فشعرت بأنها أصبحت أما ً أخرى لي ، وتبخر كل صخب موج الخجل ، الذي تلاطم قبل قليل في روحي ،وإذ أعادت سؤالها عن أسمي ، نطقت الأحرف الثلاثة منه والرابع تأخر عند الشفتين ، ولكنها أجابت ( الله اشكَد حلو إسم سلاف) حررتني برفق من إلتصاقي بأمي ، وقادتني حيث الصف ، ثم أجلستني على الرحلة الأولى .

ورويدأ رويدا ً بدأ العد التصاعدي للتآلف مع الموجود ، ويوما بعد يوم أحببت حروف القراءة الخلدونية ، مثلما أحببت قدري الذي قاد بقرنا ، وحزنت على بقاء البعير على التل إلى المساء ، مثلما لعبت مع قطتي الصغيرة واسمها نميرة ، وسرحت مع ألوان قماش قدوري ، مثلما همت حبا بـ ( ماسير سابينا ) معلمتي الأولى التي علمتني كيف أحب هؤلاء جميعا .

اليوم وأنا في ضياع الغربة ، والمسافات التي تفصلني عن وطني ، تذكرت (ماسير سابينا) ، فأنهمر الدمع ، تذكرت كل تفاصيل ذلك العام ، حيث الطفولة ُ ، وحيث البراءة ُ ، وحيث ذلك الدفء ، الذي أفتقدته منذ وطأة قدماي أرض الغربة ، وليس لديَّ من شئ أقدمه لمعلمتي الأولى غير وردة بنفسج وفاءا لها.

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 01-03-2016     عدد القراء :  2922       عدد التعليقات : 1

 
   
 

Guest

وفاء انساني جميل .