القيت هذه القصيدة في الذكرى السابعة لتفجير شارع المتنبي , في آذار 2007 , وذلك في الوقفة الأستذكارية التي أقامها
منتدى الرافدين للثقافة والفنون , في ديترويت .
أبا المُحسَّدِ هل تدري بما فعلوا
وكم من الأحرفِ البيضاءَ قد قتلوا؟ -1
كم منبعٌ رائقٌ يجري , فيقصدُهُ -
الضامي , لتهدأَ في أعماقهِ العللُ
ومبدعٌ صاغَ روحَ العصرِ فانتعشتْ
حضارةٌ تلوَ أخرى , فهي تتصلُ
وعالمٌ قد حباهُ اللهُ معرفةً
يشقى , لكي تورقَ الأحلامُ والأملُ
وفيلسوفٌ تحدى الجهلَ , مدَّرعاً
بالنورِ يقذفُهُ في وجهِ من جهلوا
كانوا ضيوفَ العراقيينَ يحضنُهمْ
بيتُ الذي لو أرادَ الشمسَ تمتثلُ
بيتُ الذي لم ترَ الدنيا لهُ مثلاً
من ألفِ عامٍ , ومن يزهو بهِ المثلُ
****
أبا المحسَّدِ هل تدري بما فعلوا
وكم من الأحرفِ البيضاءَ قد قتلوا
وكم نبيٌ كريمٌ كان ينذرُهم
لكنهم من كلامِ اللهِ ما وجلوا
وفجروها حريقاً آكلاً قذراً
أدمى القلوبَ , فناحَ السهلُ والجبلُ
تناثرتْ كلماتُ اللهِ داميةً
وعانقتْ كلَ روحٍ فيكَ تبتهلُ
أما الوحوشُ , ومن في عقلِهِ مرضٌ
ومن تلبسَهُ الأجرامُ و الخَبلُ
فقد نسوا أنَّ " هولاكو "وفعلتَهُ
الشنعاءَ , ولّى , وأهلُ الحرفِ ما رحلوا
ضنوا بأنَّ الرفوفَ العامراتِ إذا
- ما مسَّها الضرٌ , قد ينمو بها الدجلُ
وما دروا , إنَّ في بغدادَ معجزةً
الفكرُ يُنجبُ والأبداعُ يُرتجلُ
أغاظَهمْ بيتُكَ الزاهي , وأرعبَهم
نورُ الحقيقةِ بين الناسِ ينتقلُ
فاستكلبوا واستشاطوا , كان ديدنُهم
أن يُطفأَ النورُ , أو أن تُسملَ المقلُ
لكنَّ احفادَكَ الأفذاذَ ما فتئوا
يعلوَنَ بيتَكَ إبداعاً , فيكتملُ
في كلِ أرضٍ لنا صوتٌ ومئذنةٌ
تدعو الى الخيرِ , لا ينتابُها الكللُ
وبيتُك العامرُ المهيوبُ نحفظُهُ
جيلاً فجيلاً , وعمراً ما له أجلُ
يا سيدي انَّ هذا الصرحَ يحرسُهُ -
التاريخُ و المجدُ والأبداعُ والعملُ
1- ابو المحسَد , هي كنية اخرى لشاعرنا الكبير , ابي الطيب المتنبي , قليلة
الأستعمال , وقد ذكرها شاعرنا الكبير الجواهري , في احدى قصائده .