الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
قانون الصحفيين واجب التعديل

"لا يُعمل بأيّ نصٍّ يتعارض مع أحكام هذا القانون" ... هذا ما نصّت عليه المادة 18 من قانون حقوق الصحفيين الصادر في العام 2011. وهذا النص يعني ضمناً عدم جواز الإتيان بأفعال تحول دون تطبيق أحكام القانون، أيّاً كان مصدر هذه الأفعال، بما في ذلك السلطات الأمنية، لكن الأمور كثيراً ما لا تمضي في هذا الاتجاه.

أمس كان بعض الصحفيين، مراسلين ومصورين، يغطّون تظاهرة أمام معهد الفنون الجميلة في بغداد، يبدو أنها لم تكن مرخصة، فحضرت قوة أمنية تصرفت على نحو غير مقبول ويتعارض مع ما جاء في قانون حقوق الصحفيين الذي أكدت مادته الثانية على أنه يهدف إلى "تعزيز حقوق الصحفيين وتوفير الحماية لهم في جمهورية العراق".

القوة الأمنية سعت لمنع المراسلين ومصوريهم من تغطية التظاهرة بذريعة أنها غير مرخصة ... ليست من مهام الصحفي التحقّق مما إذا كانت التظاهرة مرخصة أو غير مرخصة،  أو أن السائقين يقودون سياراتهم بإجازة أو من دونها، أو أن أصحاب الدكاكين والمحال التجارية قد أدّوا ما بذمتهم من ضرائب وأجور عن الماء والكهرباء، لكي يؤدي عمله الصحفي .. الصحفي واجبه أن يغطي ما يحدث أمام ناظريه وما يصل إلى أسماعه، وامتناعه عن القيام بهذا لأيّ سبب، غير الاسباب المتعلقة بتعريض حياته لخطر ماحق، هو خيانة لمهنته. أما والسعي لمنعه من أداء هذا الواجب فيتعارض تماماً مع ما جاء في الدستور من كفالة لحرية التعبير، وحرية الإعلام هي في قلب حرية التعبير.

أكثر من هذا، قانون حقوق الصحفيين نفسه قد أقرّ في مادته الرابعة بحق الصحفي في الحصول على المعلومات، وألزم، في المادة الثالثة، دوائر الدولة والقطاع العام والجهات الأخرى بـ "تقديم التسهيلات التي تقتضيها واجباته بما يضمن كرامة العمل الصحفي"، ومنع في مادته السابعة "التعرّض الى أدوات عمل الصحفي إلا بحدود القانون"، وهذا معناه وجوب الحصول على إذن قضائي قبل التعرّض لأدوات الصحفي، مثلما لم يُجِز في مادته العاشرة "استجواب الصحفي أو التحقيق معه عن جريمة منسوبة إليه مرتبطة بممارسة عمل الصحفي إلا بقرار قضائي"، وغالباً ما تنطوي مساعي السلطات الأمنية لعرقلة عمل الصحفي على عمليات استجواب وتحقيق غير قانونية، لأنها غير مرخصة من القضاء، فضلاً عن الممارسات المحرّمة كالاعتقال والتعذيب النفسي والجسدي.

قبل أن يُشرَّع قانون حقوق الصحفيين في صيف العام 2011، كانت لدى قسم كبير من الوسط الصحفي ملاحظات كثيرة على مسودته التي أهملت الكثير من حقوق الصحفيين ولم تتضمن العديد من الضمانات اللازمة لتطبيق القانون. لم يؤخذ بتلك الملاحظات، فكان القانون في الممارسة العملية أداة في يد السلطات الحكومية للتعدّي على الحريات الصحفية وحقوق الصحفيين بما فيها المنصوص عليها في القانون.

تعديل القانون حاجة ملحّة، وعملية الإصلاح الموعودة يتعيّن أن تشتمل على هذا التعديل.

  كتب بتأريخ :  الخميس 10-03-2016     عدد القراء :  2430       عدد التعليقات : 0