الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
داعش حين تكون مجرّد \" فقاعة \" في منظور الزاملي

كان عليّ أن أتفرّغ لقراءة المشروع الإصلاحي الذي طرحه السيد العبادي على قادة الكتل البرلمانية، لكنني وجدتُ ضرورياً أن تكون قراءتي للمشروع أكثر عمقاً، ومن زواياه المختلفة التي عالج من خلالها القضايا المحورية التي تنتظر الإصلاح، والبرنامج الزمني الذي حدده لكل محورٍ من محاور الإصلاح.

ربما فاتني ما ورد في وثيقة الإصلاح حول المؤسسة الأمنية والعسكرية من برامج للنهوض بها، بدءاً من إعادة بنائها، لكنني لم أجد ملفاً خاصاً بها بمستوى الاهتمام الذي أولاه المشروع للقطاعات الأخرى لشبهِ دولتنا المتضعضعة.  

وما جعلني أتوقف عند الجانب الخاص بالقوات المسلحة والأجهزة الأمنية والمخابراتية في وثيقة الإصلاح، ظاهرة التخبط والارتباك  التي تسود هذا القطاع الذي لا يمكن من دون إصلاحه والارتقاء بأدائه وإرسائه على أساس عقيدة وطنية عابرة للهويات الفرعية، إجراء أي إصلاح أو تغيير بنيوي، إذ كيف يمكن ذلك بغير إعادة الأمن والاستقرار والطمأنينة الى ربوع البلاد ونفوس مواطنيها؟  وكيف لذلك أن يتحقق من دون اجتثاث داعش والإرهاب بتلاوينه المختلفة وتجفيف مصادر وجوده واستمراره وتفكيك شبكة أواصره وتصفية بيئته وحواضنه؟ وأي إصلاحٍ من شأنه أن يقود البلاد الى المعافاة والنهوض قبل أن تتحقق مصالحة وطنية مجتمعية شاملة؟

تساؤلاتي أثارها هذا الأداء المثير للقلق للمؤسسة العسكرية والأمنية التي تعجز حتى الآن عن تأمين الحماية للمواطنين في المناطق الرخوة الفقيرة بشكل خاص، رغم استمرار تأكيداتها بين فترة وأخرى على أنها استطاعت تحجيم حركة الإرهابيين وكسر شوكتهم وضرب خلاياهم النائمة وتوجيه الضربات الاستباقية لعملياتهم الإرهابية بفضل جهدها الاستخباري.

والحديث إذ يدور عن المؤسسة العسكرية والأمنية، فهو لا يقتصر عليها معزولة عن امتدادتها في مجلس النواب والحكومة. فلهذه الامتدادات دور لافت في حجم الإرباك الذي تتعرض له المؤسسة. ويغلب على نشاط هذه الامتدادات خصوصاً في مجلس النواب الطابع الاستعراضي الذي يجد تعبيره في كمّ المؤتمرات الصحفية والتصريحات للنواب وللجنة الأمن والدفاع النيابية ورئيسها بشكل خاص. وهذه التصريحات تبدو أحياناً كثيرة على تعارضٍ أو تقاطعٍ مع ما يصدر عن وزارة الدفاع والداخلية والأجهزة المخابراتية، بل وحتى القائد العام للقوات المسلحة.

والارتباك يطاول أيضاً الإعلام العسكري. وفي كل هذا الذي يعكس إرباك المؤسسة العسكرية والأمنية وتفرعاتها، يُظهر افتقارها الى  ستراتيجية موحدة، وغياب التنسيق اليومي العملياتي بين وحداتها الرئيسية لتغذية بعضها البعض بما يعزز حضورها في متابعة المشهد العسكري والأمني وما يدور في ميادينه، ويُحسّن من أدائها السياسي والإعلامي، لأهمية ذلك في طمأنة المواطنين وإشاعة مناخ من الثقة المتبادلة.

ومن بين أمثلة يومية أثار انتباهي المؤتمر الصحفي للسيد الزاملي الذي يبدو أحياناً كما لو أنه ينسى دوره التشريعي ويقفز على دور وزارتي الدفاع والداخلية التنفيذي. وقد عبّر السيد الزاملي في المؤتمر المذكور عن استيائه وغضبه مما نشرته وسائل إعلامٍ عن مصدرٍ أميركي أعلن عن اعتقال مسؤول في داعش متخصص بالأسلحة الكيمياوية!

ولم يرَ السيد الزاملي ضرورة للتروّي وتمحيص الحقائق وتقاطع المعلومات والتنسيق مع المصادر الرسمية الأخرى للتوثّق مما سيدلي به، فسارع الى تكذيب الخبر واعتبره مجرد محاولات أميركية لتخويف العراقيين وإشعارهم بقوة داعش وقدراتها الهجومية، مع أنها لم تعد سوى "فقاعة" بعد نجاح العمليات العسكرية بضرب مراكز تواجدها والجهد الاستخباري في كشف خلاياها النائمة ومخططاتها!

بعد تصريحاته توالت تصريحات رسمية تكشف جرائم داعش في استخدام أسلحة كيمياوية ذهب ضحيتها المئات من المواطنين ، نساءً وأطفالاً وشيوخاً!

داعش تتراجع  من دون شكّ ، ولابدّ أن تتم تصفيتها، ولكن ليس عبر مثل هذه التصريحات، بل بجهدٍ وطنيٍّ عسكريٍّ وسياسيٍّ وإعلاميّ .. وقد يتطلب إحكام العقل والمنطق ..!

  كتب بتأريخ :  الجمعة 11-03-2016     عدد القراء :  2817       عدد التعليقات : 0