الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
التكنوقراط عقل مؤسس وليس وظيفة ادارية

يبدو اننا وصلنا الى مشارف الخروج من مأزق الحكم فتشكيل حكومة كفاءات تكنوقراطية من الخبراء تبدو قريبة ونأمل ان تنسجم مع منطق الشخص المناسب في المكان المناسب. الا ان هذا سيعتمد على عدة عوامل اهمها قدرة القوى السياسية وقادتها على تجاوز الحدود الطائفية، وعلى درجة نكرانهم لذاتهم وعطائهم للشعب وللوطن وشعورهم بالمسؤولية، وهذا سيتطلب منهم احتراف فن العطاء وحب الشعب والتخلي عن المصالح الحزبية الضيقة، وافضل سمة لهذا النوع من الاحتراف هو القبول بتشكيل حكومة تكنوقراط اي حكومة مدنية من الكفاءات تتألف من اصحاب المعرفة والعلم والقدرة على العطاء والدراية الفنية والتاريخ السياسي النزيه، ومن شخصيات يعرف لها بالنزاهة والخبرة، والتميز بقدراتها ومهاراتها في التواصل والقيادة الادارية والحكمة والتخطيط وتؤمن بضرورة الاصلاح السياسي والاداري لجهاز الدولة.

ولا بد من الاشارة الى وجوب ربط الكفاءة كمفهوم واسع بالتكنوقراط ليتلائم مع ضرورة اشغالها للمناصب القيادية في الدولة العراقية.

التكنوقراط ليس هم حملة شهادات فحسب بل هم النخب المثقفة الاكثر علما وتخصصا في مهامهم، والذين يستطيعون من تسخير التقنية والمعلومات لانجاز مشاريع او خطط في مجالات الحياة المختلفة كالصناعة او الصحة او التربية وهم اذا ما تحلوا بالقدرة على الابداع والادارة والقيادة والنزاهة والتخطيط الاستراتيجي والاستقلالية والقدرة على مجابهة حيتان الفساد والصمود امام الاغراءات اصبحوا كفاءات متميزة تستحق ان تقود البلاد في المرحلة الراهنة.

الكفاءة التكنوقراطية اذن ليست هي كل من حمل شهادة او مارس مهنة اختصاصية لانها بهذا المفهوم ستشمل معظم قيادات الدولة وموظفيها. بل انه من الضروري ان يكون التكنوقراطي صاحب تجربة مهنية وعلمية ومعرفة ميدانية او عملية وقدرة على حل المشاكل التقنية اي بمعنى اخر عقلا مبدعا له القابلية على حل المشاكل وايجاد الحلول. مع اني اعتقد بانه ليس ضروريا ان تكون هذه الخبرة او التجربة ادارية في جهاز الدولة لانه وببساطة يعتبر الجهاز الاداري العراقي جهاز بيروقراطي روتيني متخلف وجهاز فاسد ويشجع على الفساد.

وكما اشار اليه د. رياض الامير ان "التكنوقراطي هو عقل مؤسس وليس شخصا يحتل مركزا او وظيفة، ويملك بحكم عقله شرعية دستورية وقانونية لان يكون حاكما. فوجود البنية العقلية المجربة والممارسة السياسية التي تولد الخبرة كشرطين اساسيين في توصيف مهمة التكنوقراطي، حيث انهما ترجحان كفة مسؤول عن آخر". وتشترك أهم المعايير التي يقاس بها القادة في البلدان الديمقراطية مع معايير القيادات التكنوقراطية كالقدرات العقلية والدراية الفنية ونصاعة التاريخ ونظافة اليد والاخلاص.

هل هذه المعايير ستأخذ بالاعتبار عند الاختيار لاشغال المناصب العليا في الدولة العراقية؟ اتخوف في غمرة الصراع السياسي من بقاء الانتماء السياسي والمذهبي والقومي اساسا في الاختيار. واتخوف في حالة اختيارهم لاشغال المناصب الوزارية ان يكونوا كبش فداء لان التكنوقراط طبقة مؤدبة ومهذبة وليس لها من حيلة امام دهاء السياسيين. ارجو ان لا يكون خوفي في محله.

  كتب بتأريخ :  الجمعة 11-03-2016     عدد القراء :  3603       عدد التعليقات : 0