الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
أنا عراقي.. أنا أحترق

انتفاضة 1991، وقعت مباشرة بعد حرب الخليج الثانية، وبدأت بعد انسحاب الجيش من الكويت، وتدمير آلياته، فاضطر الجنود إلى الانسحاب مشيا. قام أحدهم فجر الثاني من آذار، وقد وصل الى ساحة سعد في البصرة، بإطلاق النار على جدارية صدام حسين فيها.

وبحلول الصباح عمّت الاحتجاجات البصرة والهارثة والدير، وبدأ الناس باستهداف مراكز الشرطة ومعسكرات الجيش ومقرات البعث والسجون والمعتقلات. وخلال يومين تحررت العمارة والناصرية والنجف وكربلاء وواسط والسماوة والديوانية والحلة، وسرعان ما وصلت الشرارة إلى دهوك والسليمانية وأربيل وكركوك، ولكن رانية كانت المنتفضة الأولى في كردستان.

وهنا بدأ النظام باستخدام أساليب القمع كافة لوأد الانتفاضة، وخلال ذلك حصل على اذن أمريكي باستخدام الطائرات السمتية بحجة نقل الجرحى والمصابين من أرض المعركة، إلا أن النظام استخدمها في قصف المدن، ووصل به الامر حد استعمال الأسلحة الكيمياوية ضد المواطنين. وبعد إخماد النار المنتفضة في الجنوب بشكل أقسى من الوحشي دبّ الذعر والهلع بين الأهل في الجبال فاضطر الملايين من الناس الى ترك مساكنهم والهجرة باتجاه الحدود التركية والإيرانية سيراً على الاقدام، وتحولت المدن إلى فضاءات للاشباح ولم يبق فيها الا المباني المهدمة. ولا شيء يشبه هذا الزحف المهاجر سوى سير الهنود والباكستانيين بعد الانفصال الشهير.

وينقل الأستاذ جاسم العايف عن اخيه الذي كان ضمن مفرزة طبية مرتبطة بمقر آمر الوحدة العسكرية التي اجتاحت قضاء «القرنة»، قوله:

«بعد أسبوع على انكسار انتفاضة 2 آذار 1991، وصلت وحدتنا العسكرية الى القرنة، وحدثت مواجهة بين وحدتنا وبين المنتفضين. وبالتأكيد كانت الغلبة للجيش، وعندما حلّ الليل ساد الهدوء قضاء القرنة، فقرر الآمر ان يكون مقرنا في ثانويتها.»

ويضيف: «كان معنا شيء من الأرزاق الجافة: رز، بطاطا، معجون، عدس، ولم يكن معنا أي وقود للطبخ. فقال الآمر: «عليكم بالمكتبة.. أخرجوا الكتب وحولوها إلى نيران وإطبخوا طعامكم، كذلك ستعينكم نار الكتب الثخينة السميكة هذه على برد الليل..».

ويضيف: «خلال تواجدنا في الثانوية لمدة أسبوع، أحرقنا مئات الكتب الثمينة ناهيك عن الرحلات المدرسية».

من هنا يتبيّن لنا أن مبادرة «أنا عراقي.. أنا أقرأ» هي قرينة تلك الانتفاضة المشرقة، التي علمتنا أن نرى.

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 16-03-2016     عدد القراء :  2814       عدد التعليقات : 0