الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
غسلاً للعار

بالاستنكار تارة وبالاستفهام تارة أُخرى وبالسخرية تارة ثالثة، استقبل الكثير من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي الأخبار المتلاحقة في الاسابيع الاخيرة عن تقديم مجموعات من الوزراء استقالاتهم الى رؤساء كتلهم وأحزابهم وليس الى رئيس مجلس الوزراء كما تقتضي الأصول والقواعد والاعراف المرعية والتقاليد السياسية الراسخة في سائر دول العالم، فضلا عما يوجبه الدستور في هذا الخصوص.

الواقع إنّ الأمر لا يستدعي أيّ استنكار أو سخرية أو حتى مجرد الاستفهام، فأن يدير الوزير ظهره لرئيسه، وأن يدير المدير ظهره لوزيره صار من الاصول والقواعد والاعراف المرعية والتقاليد الراسخة في "دولتنا" الفاشلة استناداً الى نظام المحاصصة الطائفية والإثنية والحزبية الذي جعلت منه الطبقة السياسية المتنفذة قانونا أعلى ودستورا بديلا يطمن مصالحها ويضمن لها المنافع المادية المهولة.

لو لم تكن الاصول والقواعد والاعراف والتقاليد السياسية المرعية في " دولتنا" غير هذه، أي كما هو جار في سائر الدول، ما كنا قد صرنا دولة فاشلة ولا كانت الاحوال العامة في بلادنا، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، تتردى باطراد لتصل الى هذا الدرك، حيث لا يقدم الوزير استقالته الى رئيس مجلس الوزراء ويذهب بدلا من ذلك الى قصر رئيس كتلته وزعيم حزبه، وحيث لا يأبه المدير بتوجيهات وزيره بقدر إذعانه لمطالب رئيس كتلته وزعيم  حزبه. والسر في هذا ، إذا ما كان ثمة سر، ان رئيس الكتلة او زعيم الحزب هو ولي الامر والنعمة وهو،  بلغة عصابات المافيا، "الأب الأكبر" الذي يبيع المنصب للوزير او المدير بكذا من ملايين الدولارات سنوياً.

ولو لم تكن الاصول والقواعد والاعراف والتقاليد المرعية في دولتنا الفاشلة غير التي هي سارية وراسخة الآن ما كانت عصابات داعش لتحتل ثاني مدن البلاد بلمح البصر وتتمدد في ثلث مساحة البلاد وصولا الى مشارف العاصمة بسرعة الضوء، وما كانت "دولتنا"والطبقة السياسية المتنفذة فيها قد انكشفتا على هذا النحو المعيب بل المخزي، وما كانت هذه الملايين لتتدفق الى الساحات والشوارع على مدى ثمانية أشهر متتالية، في سبيل غسل عار هذه الطبقة والنظام السياسي الذي أقامته خلافا لمقتضيات الاصول والقواعد والاعراف والتقاليد المرعية في سائر دول العالم، ولمقتضيات الدستور.

لا يتعين القبول بهذه الاستقالات والتصفيق لها.. الحل المطلوب يتمثل في إطاحة نظام المحاصصة تماما وتشييعه الى مثواه الاخير مغسولاً بعار الطبقة السياسية التي فرضته علينا!  

  كتب بتأريخ :  الأحد 27-03-2016     عدد القراء :  2367       عدد التعليقات : 0