الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
رئيس الوزراء بطة عرجاء

   تفاقم الاستياء على صعيد العراق عموما نتيجة توالي الحكومات العاجزة التي اجهضت احلام العراقيين في التغيير ، والتي لم تعنى بتطوير البلاد ورفاه المواطنين رغم مليارات الدولارات من ايرادات النفط التي ذهبت هباء منثورا ، وراح معظمها في جيوب المسؤولين وحسابات بنوك الكتل السياسية التي تبذخ - بلا وجع قلب - على مباذلها وتمارس الدجل في المساجد من ركوع وسجود ، وهي في الحقيقة بدلا من ان تسجد لله تسجد لشيطان المال ليساعدها على اكل السحت الحرام .

   شاع تحت مسؤولية تلكم الحكومات الفساد بانواعه واشكاله، فالفساد الاجتماعي يلازم الفقر ، وشاعت الرشوة والسرقة العامة والخاصة ، حتى اصبح الفساد ثقافة كما قال كنفوشيوس الحكومة ، وهو يتجاهل ان هذا الفساد لم يصبح ثقافة الا بما تيسر له من سبل تسهل شيوعه ، اولها كان نظام البعث الصدامي واخرها نظام المحاصصة والاحزاب الاسلاموية التي دعمت ما كان معروفا من فساد واضافت اليه فساد السريرة ، اذ يظهرون التقوى و الورع ، ويتسترون بالبراق من العمائم ، والثمين من الخواتم ، ويضمرون نهمهم للمال من اخضر واصفر رنان .

   رغم ان هذه المظاهر لا تخفى على العراقي - المفتح باللبن - الا ان الظروف المساعدة رافقت حظوظ هؤلاء الشياطين الذين تلبسوا لبوس الدين والورع ، فكان اكتساح العصابات الاجرامية - داعش - لسوريا والعراق عاملا مساعدا على تاجيل المعركة مع السراق والفاسدين في الحكم الى حين ولكن الشعب يمهل ولا يهمل ، فقد دقت ساعة الحساب ، ساعة ستكون كالقارعة وما ادراك ما القارعة .

   القارعة ستقرع رؤوس الفساد لتهشمها بمطرقة الشعب الجائع المحروم من ابسط وسائل العيش الكريم ، ما اضطره يخرج بالملايين يطالب بحقه في الحياة الحرة الكريمة ، ولذلك رفع شعار خبز ، حرية ، دولة مدنية .

   تلاعبت الاحزاب الاسلاموية في جميع المناصب الحكومية والهيئات التي من المفروض ان تكون مستقلة ، فعينت فيها منتسبيها واقتصر شغل المناصب على من له صلة قرابة مع قادة الكتل السياسية دون اخذ الكفاءة بنظر الاعتبار ، واستخدموا حيلة الشهادات المزورة وابدعوا في الالتفاف على القوانين من خلال تعيين الوكلاء بدلا من الاصلاء في المناصب العليا .

   هكذا امتلأت المؤسسات الحكومية بالمحتالين والاميين والدجالين ، الذين مارسوا جميع وسائل النهب والسرقة ، فاصبحوا لصوصا محترفين في سرقة المواطنين والمال العام. اما النفط فحدث ولا حرج ، تعرضت هذه الثروة الوطنية الى طرق من النهب والسرقة لا عهد لاي دولة منتجة للنفط بها ، فبالاضافة الى العقود الفاسدة ، نلاحظ سرقة النفط من الانابيب بواسطة ثقبها وسحب النفط منها وبيعه دون معرفة السلطات بذلك ، كما يتم التلاعب بالموانئ وشحنات النفط المباعة وتزوير اوراق التصدير والبيع ، والغش بتزويد المنتجات النفطية للمصانع ومحطات الكهرباء ، وبيع النفط بصورة سرية للصوص والسيطرة على محطات بيع البنزين وغير ذلك من اساليب مختلفة يصعب وصفها .

   اما المواد الغذائية فانتشرت في الاسواق مواد غير صالحة للاستهلاك ، ومثلها الادوية المغشوشة والفاسدة التي تباع على الارصفة ، وزادت باضطراد سرقة مواد الحصة التموينية حتى باتت معضلة لا يمكن حلها الا باعادة وزيرها الهمام الذي سرق ملايينها، ليعالجها بالسرقة مرة اخرى ليقضي على البقية الباقية من مفرداتها البائسة .

   ان السرقة واللصوصية ادت بالعراق الى ان يصبح دولة فاشلة ، لا علاج لها الا باقتلاع الاحزاب الحاكمة وازالة اثارها عاما بعد اخر ، ولا يتم ذلك الى باللجوء الى رجال يؤمنون بالمدنية ويتركون الدين لله وللمؤمنين والوطن للجميع ، لا ان يتعكزوا عليه في سرقة المواطنين ، وان يكونوا ممن يشهد لهم المجتمع بالنزاهة والاخلاص والكفاءة ، وهم ليسوا بالعملة النادرة في العراق وانما ابعدتهم الكتل السياسية جانبا ، على طريقة العملة الرديئة تطرد العملة الجيدة ، لذلك يجب ان تعمل الجماهير المحتجة على الاطاحة بهذه الحكومة العرجاء وبقيادتها الفاشلة التي عاثت فيها الاحزاب الاسلاموية فسادا وسرقة ، واشاعت الجهل والامية في جميع مفاصل الدولة والمجتمع ولم تساهم سوى بانتاج ممارسات وطقوس بائسة لا علاقة لها بالدين ولا بالمذهب ، مثل المشي مئات الكليومترات من اجل زيارة المراقد والاضرحة ، او طبخ الاطعمة على الارصفة في مظاهر بائسة هدفها خداع المواطنين الفقراء واشباع رغباتهم البسيطة من اكل وشراب . واشاعة ممارسة اللطم والبكاء على احداث مضت عليها مئات السنين ، من اجل نسيان الحاضر وتركهم ينهبون دون رقيب .

   انتجت هذه الاحزاب الاسلاموية نظاما هجينا في الحكم ، لا هو نظام جمهوري ديمقراطي ، ولا هو ملكي دستوري ، فالاحزاب ورموزها يتربعون على كراسي الحكم ، ويتبادلونها بينهم بين دورة انتخابية واخرى مثلما يتبادل الخلفاء الجواري الحسان للتمتع بهن ، فاصبحت الوزارات حكرا على اسماء معروفة ، عرف منهم من تلبسه العي والجهل وارتدى عباءة الفساد دون خشية من حسيب او رقيب .

   ان مصير رئيس الوزراء سيكون مشابها لمصير غورباتشوف صاحب الاصلاحات المنقوصة ، ليبقى مصير العراق مفتوحا على احتمالات بلا حدود .

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 29-03-2016     عدد القراء :  3132       عدد التعليقات : 0