الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
قصائد من أحزان السنة العراقية

القصيدة 103 من أحزان السنة العراقية 12/ 4 / 2006 ولادة ثانية

أخرجت ألواح مصيري الجديدة من الفرن اليوم ولدتُ من جديد هذا مصير جديد كتبته بيدي لنفسي انكشفت عتمة أيامي القادمة ومثل نورٍ في عظامي تصاعد سُلّمي إلى الأعالي سبِّحوا يا عبيد الوهم بالحياة وامخروا شجرة الظلام الناظرُ إلى السماء يدوخ الناظرُ إلى الأرضِ يعمى الناظرُ إلى الإفقِ ينجو معيني هناكَ مثل مركبٍ ينجو من الرياح أجرّه بحبالي ولا تخدعني الآلام. قفزتُ منه وتركتُ تابوت أكيتو يطوف المدن تمخّض الأكيتو عن ولادتي ربيع مطوّحٌ قفزَ معي وسرنا سويةً مثل قصبتين لأني دوّنتُ وصاياي على قلبي وسبرتُ أغوار خرافتي حرّرتني كلمةٌ صاعدة من أعماقي حررتني شريعتي الجميلة لم أعد أصغي لأحد ولم تعد التوابيت تحكمني وطني نائم في تابوت أبديّ تأتي مراحمي من نفسي وأحفظُ أقوالي أزلتُ الشحمَ عن قلبي وألوف من الكلمات هطلت على أوراقي وتمشيتُ في رحابكِ يا نفسي.

القصيدة 100 من أحزان السنة العراقية

9/ 4/ 2006

فجرٌ مدمّى

نيسان

جمعتُ المصاطب وأرخيتُ بلادي عليها مشطّبةً بالجراح

نظرتُ في عينيها فوجدتهما تقطران دماً ودمعاً

حفلة الأكيتو سوداء

يرقص فيها الأعراب بخناجرهم والأمريكان بهمراتهم

لنهارٍ مؤجل دائماً

لساهرين يخطوّن أوجاعهم

فجر مدمّى

خطٌ منحدرٌ في الضباب على كفوف مقطّعةٍ

أفاعٍ تتجول في جسدي

سقطت الشعارات

سقطت اللافتات

سقطت الصور

سقطت التماثيل

وتناثر العراقيون في خانات حمراء

أشباحٌ تشاطرني الجلوس قرب المصاطب

وتسألني....

لماذا تُقلقون مذاودنا بالهتافات والأسلحة؟

توقّفَ طيراني

وتداعت حكمتي وقلّت أسئلتي

ضمّدتُ أصابعي بجراحِكِ

لكننا ازددنا وجعاً يا بغداد

عادت المياه المالحة تغمر الشوارع

عادت الأسلحة

وحشتي تتربض بي

شقوق جدراني هي كتابتي على جسدي

تستدرجني حُفرُكِ يا بلادي

يسقطُ بشرٌ كثيرون

يدفعنا هواءٌ راكدٌ

وأتهجأكِ بخيباتي

أحرثُ نجوماً في السقف

حتى تتقوس ساقي

يا حاملي الأكيتو لماذا وضعتم جثتي فيه؟

أبصرُ أزهاركم تذبل

لم ينبعث سوى الرماد في الحقول

ظلّ الربيعُ مهزوماً في قبضات المسلحين

بلادي تئنّ وتحت الكوابيس تحطم عودي ومقرعتي

انحنت رماحي

تاريخنا يتشظى ويتسربُ في شقوق الأرض والحيطان

وينهزمُ حاراً كما شهواتنا

يختصمُ في أكتافنا الليل

وتنهار أسئلته المخيفة

كان عمرنا يتفصد مثل دمٍٍ مسموم على حافات السنين.

رأت بغداد مكان الصنم شمسا

رأت مكان السلاسل خيوطا من الحرير

رأت السجون حقولا

رأت الغبار مطراً

رأت نفسها في مراة الليل عروسا بعد ان شاخت

رات قبرها بعيدا

لكنها الان, في هذه الساعة, تترنح على حافته .

القصيدة 102 من أحزان السنة العراقية

11/ 4/ 2006

ألواح المصير

أنا مجروحٌ من هامتي حتى قدمي

أتعطَّرُ مثل شبحٍ، ومثل قافلةٍ منهوبةٍ أتمايل

وقفتُ مثل شجرة يابسةٍ

وركبتاي أهتزتا من الانتظار

لحمي هَزُلَ وأوراقي أصفرَّت

ألواح المصير بين يديك أيتها السماء

فاقرأي لي ما الذي أذنبت فيه

هل كان حبي للجمال ذنباً؟

هل كانت كتابتي للشعر خطيئةً؟

هل كانت محبتي للناس جريمةً؟

تحدثي يا ألواح مصيري

لماذا لا يكن باسطُ رحمةٍ لي فيأخذني إلى مذاوده؟

ولماذا ينسحق قلبي في رحى الألم؟

ولدي خطفوه وعائلتي علاها غمام أبديّ

وأنا أرتجفت عظامي ونشفت آباري

مَنْ كتبَ في ألواح مصير كلّ هذا العذاب؟

مَنْ خطّ في ألواح مصير البلاد كلّ هذا الموت؟

لماذا تنـزفُ بلادي، ولماذا تتحطم مثل رغيف يابس؟

وسِعتْ آلامي بين الأمم ما لم تشربه شعوبٌ

تكسّر نايي وتقطعت أوتار معزفي

صحوني نشفت وتنانيري كلّها رمادٌ قديم

يا ألواح مصير البلاد من كتبكِ هكذا داميةً إلى الأبد؟

من وضعكِ في تابوت الأكيتو كأنك جثةٌ مرميةٌ من مسلخٍ

أعمال السرور نضبت والشوارع قفزت مثل أرانب خائفةٍ

الحملان توارت خلف حضائرها والذئاب تجولت جوعانة.

قدّام إلهي سجدتُ ولم يتغير المصير

صلّيت وصُمتُ لأيام طويلة ولم يتغير المصير

علّقت مرادي على قضبان الفضةِ ولم يتغير المصير

نزلت دموعي على ثيابي ورجوت أن تنكشف لي الألواح

سجدتُ بأحلى مافيّ ورجوت

لكن الألواح كانت معتمة صامتةً

وفي ساعةِ خوفٍ وقوةٍ

قررتُ أن أعجن لي ألواحاً من الطين

وأن أكتب بها مصيري بيدي.

  كتب بتأريخ :  الإثنين 11-04-2016     عدد القراء :  2781       عدد التعليقات : 0