الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
الفنانة الهـــام حسـن 1952-2001
بقلم : جعفر حسن
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

تمر اليوم الذكرى الخامسة عشر لرحيل الفنانة العراقية التقدمية الهام حسن والتي يرقد ضريحها في مدينة عدن ، فبتأريخ 17- 4 -2001 وافتها المنية على أثر مرض عضال أصاب حنجرتها التي طالما غردت لنا بأعذب الألحان وغنت للفقراء والكادحين المسحوقين والأطفال والعمال والفلاحين والنساء وغيرهم من أبناء وطننا وشعبنا العراق وبمختلف اللغات واللهجات العراقية ، بل وغنت لكل شعوب العالم أغاني أممية و تضامنية عديدة الى جانب غنائها للعديد من الأغاني الشعبية العراقية والموشحات الأندلسية من خلال فرقة الموشحات العراقية،حيث كانت الفنانة الراحلة من أوائل الفنانين العراقيين الذين هاجروا مرغمين إلى جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية من جور النظام الفاشي المقبور ، فعملت في عدن أستاذة للموسيقى والغناء في معهد الفنون الجميلة وأسست وأدارت مدرسة الموسيقى والباليه للأطفال وكانت مغنية وعضواً اساسياً في فرقة أشيد للأغنية السياسية والشعبية كما أنها من مؤسسي معهد الفنون الجميلة في عدن- جمهورية اليمن الديمقراطية إلى جانب زوجها الفنان اليمني وعازف العود المعروف جميل غانم.

ولدت الفنانة الهام حسن عام 1952 ونشأت في عائلة وطنية تقدمية لاقت ما لاقت من جور الأنظمة الرجعية والفاشية التي حكمت العراق وكانت أسرتها مثقفة تحب الفنون قاطبة ومنها الموسيقى والغناء لذا ترعرعت في كنف والدتها التي كانت تعلمها حب الوطن والناس والفن وأخويها الفنان الموسيقي والمغني والملحن جعفر حسن والفنان المخرج المسرحي والتلفزيوني والسينمائي ناصر حسن حيث تشربت حياتها ومنذ طفولتها بالفن والموسيقى والسياسة وبدأت عندها موهبة الغناء وحب الموسيقى وتقليد الفنانين والفنانات منذ صغرها وكانت العائلة تحتفي بها في الأماسي العائلية حين تقوم هيَ بتقليد الممثلين وتتقمص أدوارهم وتغني كما يغنون مما ساعدها على صقل موهبتها منذ الصغر وكانت محبوبة من الأهل والجيران والأصدقاء , فساعدتها عائلتها على تطوير موهبتها الفنية المبكرة وبتشجيع من أخويها.

دخلت الهام حسن إلى معهد الفنون الجميلة في عام 1969 ودرست آلة البيانو على يد الفنانة العراقية الكبيرة عازفة البيانو بياتريس اوهانسيان ودرست الغناء والموشحات الأندلسية على يد الأستاذ الفنان روحي الخماش وجميل سليم الى جانب بقية الأساتذة الكبار سالم حسين وغانم حداد وآرام بابوخيان وغيرهم وأختيرت عضواً في فرقة الموشحات التابعة للإذاعة والتلفزيون العراقية ، كذلك عضواً في فرقة الكورال التابعة للفرقة القومية العراقية عام 1969. كما تعلمت على يد أخويها الفن والسياسة وحب الوطن والناس وتحسست آلام المسحوقين من أبناء الشعب وعبرت عنهم بأغانيها وبدأت مسيرتها الفنية الغنائية مع أخوها الفنان جعفر حسن حيث رافقته في جميع أعماله الفنية والغنائية وسفراته للخارج وأغلب المهرجانات الغنائية بدأ من أول مهرجان للأغنية السياسية عام 1973 والذي أقيم في جمعية الفنانين التشكيليين في بغداد والذي حضرة الآلاف من جماهير شعبنا ومن مختلف محافظات العراق حيث كانت الفنانة الهام حسن واحدة من ثلاث فنانين إلى جانب الفنان جعفر حسن وكوكب حمزة وفرقة الأجراس حيث كانت لهم الريادة الأولى في إقامة مهرجان للأغاني السياسية في العراق, وأعقب ذلك مشاركتها في جميع فعاليات ومهرجانات وأعياد الحزب الشيوعي العراقي والشبيبة الديمقراطية والطلبة ورابطة المرأة العراقية وغيرها و كذلك شاركت الفنانة الهام حسن إلى جانب العديد من الفنانين العراقيين والعرب والعالميين في مهرجان الأغاني الشعبية والسياسية الذي أقامه الحزب الشيوعي اللبناني في ذكرى تأسيسه الخمسين في لبنان سنة 1974 حيث غنت الأغاني الشعبية العراقية والوطنية والسياسية وأنتجت دار الفارابي للنشر البومات غنائية فيها العديد من أغانيها ( يا أطفال كل العالم يا حلوين.... وشيلي تمر بالليل للملحن الفنان كوكب حمزة .... ومساهرين وسلام سلام وكويستانان خال خال وإنا نحب الورد و يابو علي وزهورنا الحمراء وغالي شعبنه وغيرها من الأغاني السياسية والوطنية للملحن جعفر حسن وأغاني شعبية عراقية تراثية عديدة ).

بعد أن استقر بها المقام في عدن شاركت الفنانة الهام حسن في مهرجانات محلية وعربية وعالمية كثيرة منها مهرجان الشباب العالمي الحادي عشر سنة 1978 في كوبا ومهرجان سوتشي للأغاني السياسية والشعبية عام 1984 في الاتحاد السوفييتي والعديد من المهرجانات العربية منها مهرجان الشباب في سوريا وليبيا والجزائر وكل مهرجانات الأغاني مع فرقة أشيد للأغاني السياسية في اليمن الديمقراطية حيث كانت فنانه الفرقة الرئيسية ورافقت جميع أعمالها الفنية والغنائية كما غنت في أماسي وسهرات عديدة مشتركة في عدن مع الشيخ إمام وأحمد فؤاد نجم وجعفر حسن وكانت على الدوام المغنية الرئيسية في الكثير من المسرحيات والمسلسلات الغنائية التي أنتجت في عدن , كما أنها تعتبر من الممثلات المسرحيات القديرات في اليمن حيث شاركت في العديد من الأعمال المسرحية منها مسرحية هاملت ورأس المملوك جابر ومسرحيات يمنية ومسلسلات تلفزيونية محلية عديدة.

بقى أن نقول أن الفنانة الهام حسن لم تأخذ حقها في الإعلام الرسمي ولا الصحافة العراقية والعربية ولا حتى في الإعلام التقدمي للأسف حالها حال العديد من فنانينا العراقيين المبدعين بالرغم من أنها ضحت بالكثير وقدمت الكثير ووقفت بوجه النظام الفاشي المقبور ومنعت من ممارسة العمل الفني ودخول الإذاعة والتلفزيون العراقي سنة 1973 حيث كانت عضواً في فرقة الموشحات العراقية وذلك حالها حال زملائها الفنانين كوكب حمزة وجعفر حسن ،مما إضطرها للهجرة القسرية الى اليمن الديموقراطية حفاظاً على كرامتها وفنها من التلوث كما لحقها بعد سنوات العديد من الفنانين التقدميين لنفس الأسباب , في حين كان غيرهم من الفنانين والشعراء المقربين من السلطة ينعمون بالعيش الرغيد في كنف النظام الديكتاتوري البائد ويمدحونه ويمدحون حروبه العدوانية ضد شعبه والشعوب المجاورة والآن هم للأسف نجومٌ لامعة في عالم الغناء والموسيقى ويسرحون ويمرحون في وسائل الإعلام والفضائيات العربية والعراقية.

لنتذكر جميعنا الفنانة الكبيرة الهام حسن ونتذكر أغانيها الإنسانية والشعبية العراقية التي بقي راسخة في وجدان كل العراقيين الطيبين ،كما نتمنى من إعلامنا العراقي التقدمي أن يتذكرها ويتذكروا فنانينا ومثقفينا الذين ضحوا بحياتهم ومستقبلهم من أجل مستقبل جديد مشرق لشعبنا العراقي .

أبو تانيا

17-4-2016

  كتب بتأريخ :  الأحد 17-04-2016     عدد القراء :  3555       عدد التعليقات : 0