الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
برلمان ويعتصم!

اذا لم تتوفر فرصة للبرلماني ان يمارس وضيفته في تغيير الأوضاع او إصلاحها الا الاعتصام، فأي وسيلة بقيت للمواطن العراقي يحتج من خلالها على اللازمة العامة وأسبابها والمسؤولين عنها؟ يبدو ان عمق واتجاه الأزمة العامة وتجلياتها من القوة بحيث شلت الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، سيما في انعكاسها على الوضع المعيشي والحياتي للمواطنين، اثر فشل السياسيات الاقتصادية والمالية، بحث لا يمكن لأي سلطة او مؤسسة او مرفق تنجو من عصفها.

ان اعتصام البرلمانيين ما هو الا ردة فعل لحركة الاحتجاج الشعبية، ومن الأهمية النظر الى هذا الاعتصام من زاوية النتائج التي تترتب عليه، وليس فقط من زاوية مصالح المعتصمين، فهناك تباين في مصالح وأهداف وغايات النواب المعتصمين والأجندة الخاصة التي تحرك عدد منهم، فيما لا ننسى في هذه اللحظات سجل الفساد الذي يرافق تاريخ البعض. والسؤال هل يتمكن البرلمان من افرزا كتله برلمانية وطنية إصلاحية غير طائفية بعيده عن كل استقطابات المحاصصة واشتراطاتها؟.

المهم بالأمر هو قدرة حركة الاحتجاج الشعبية في نقل معركتها مع المحاصصة والفساد لساحة مجلس النواب، كما نقلتها إلى مسرح الحكومة ورئاسة الجمهورية، وستشمل في تأثيراتها السلطة القضائية أيضا، فيما لم يفلت منها أي حزب او كتله سياسية متنفذه، مسببه للازمة ومسؤوله عنها.

لم يشهد تاريخ الأنظمة البرلمانية في العالم، في حدود اطلاعي، ان برلمانا ما في البلدان الديمقراطية، أو حتى تلك التي تشهد تحولات ديمقراطية قد اعتصم. نعم كان هناك تعليق لجلسات البرلمان، أو تمديد للبرلمان فرضته ضرورات موضوعية او صراعات داخلية، وهناك صراعات شديدة سياسية أو حروب عطلت أعمال البرلمان، كما هي تجربة البرلمان اللبناني، مع ان شكل النظام السياسي اللبناني هو شبه رئاسي وليس برلماني، استثني البرلمان الليبي الذي انشطر إلى مجلسين متصارعين، مع ان النظام السياسي في ليبيا لا يمكن تصنيفه من بلدان التي تشهد التحول الديمقراطي، فالفوضى هي الصفة الغالبة عن الوضع السياسي هناك.

بطبيعة الحال ان عجز رئيس الحكومة د. حيدر العبادي في طرح حلول ومعالجات جذرية مستفيدا من الهبة الجماهيرية المطالبة بالإصلاح، التي انطلقت في تموز العام الفائت، ولقت تأييدا واسعا من لدن الشعب العراقي، هو احد اهم أسباب تفاقم اللأزمة، ثم طرحه لموضوعة تبديل الحكومة بحكومة تكنقراط دون ان يتمكن من تشكيلها، قد زاد الطين بله، مع ان الاصلاح هو ليس بتبديل الوزراء انما عبر رؤية وبرنامج ومنهج واضح وفريق عمل كفوء ونزيه وشجاع. اما الوعود بالإصلاح والتغيير فبقت كلمات جوفاء لا تدل على شيء جدي وملموس.

في كل الأحول يتطلب الأقدام والإسراع في طرح حلول ومعالجات استثنائية غير معهودة، تبدا بمغادرة منهج التسويف والمماطلة واللعب على عامل الوقت، ثم التحلي بشجاعة في اتخاذ خطوات واضحة واثقة صحيحة مطمئنة للخروج من مأزق المحاصصة الطائفية، على ان يتم ذلك دون تقاطع مع الدستور، وان يكون التغيير جذري وشامل، ويبدا في تشكيل حكومة من كفاءات وطنية نزيهة وشجاعة ذات خبرة وقدرات قيادية وإدارية ناجحة.

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 20-04-2016     عدد القراء :  3321       عدد التعليقات : 0