الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
آفاق تطور الحركة النقابية في العراق

الفائدة من التاريخ معيار لرسم آفاق المستقبل لكي تكتمل اللوحة الآنية لتطور حركة الطبقة العاملة ومسارات نضالها النقابي والمهني في الوقت الراهن، فمنذ أن تأسس الاتحاد العام لنقابات العمال في العراق عام 1933 أصبح العمل النقابي أكثر رسوخاً والانتماء للنقابات أكثر توسعاً بما فيها تطور الوعي النقابي الذي برز فضلاً عن الشعور بالاستغلال الطبقي وضرورة النضال المطلبي والسياسي ارتباطاً بما يتطلبه النضال الوطني للدفاع عن العراق. لقد مرت الطبقة العاملة العراقية وحركتها النقابية بمراحل عديدة بعد التأسيس وجابهت الكثير من التحديات على المستوى الطبقي والسياسي والاقتصادي كما عانى القادة العمال والنقابيين من ظروف الاضطهاد والملاحقات البوليسية والهجمات الرجعية الشيء الكثير وكان أخطرها هيمنة النظام الدكتاتوري البعثي عليها ومحاولاته لطمس تاريخها النضالي السياسي والمطلبي ثم تجيير تاريخها لصالح حزب البعث العراقي وتزوير التاريخ وهيمنته على الاتحاد العام والنقابات العمالية والمهنية، واخطر ما واجهته الطبقة العاملة شغيلة اليد والفكر وحركتها النقابية ما قام به النظام الدكتاتوري من إصدار القرارات والقوانين الرجعية وبخاصة قانون 150 المعروف بعدائه للطبقة العاملة وحركتها النقابية ثم تشريع قانون العمل الذي ألغى حق العمال في التنظيم النقابي في قطاع الدولة والمختلط.

أما في الظروف الراهنة وبواقع سياسي متناقض يحمل أهداف ومشاريع مختلفة تعيش الطبقة العاملة العراقية شغيلة اليد والفكر وحركتها النقابية والمهنية حالة من التبعثر والاختلاف وتعدد المراكز وتكاد هذه الظاهرة أن تطغي تقريباً على النضال السياسي والمطلبي للشغيلة والنقابات وهذا التبعثر في المراكز النقابية الحق أضراراً كبيرة في وحدة النضال لخدمة مصالح الحركة النقابية كما كانت بحق فترة ظلامية استمرت حوالي 35 عاما من حكم تسلطي دكتاتوري معادي بذل كل الإمكانيات ليس الاستيلاء على النقابات والاتحاد العام فحسب بل شق وحدة شغيلة اليد والفكر، ولسنا متشائمين عندما نقول استطاعت الدكتاتورية بسياسته وعدائه إلى حد معين أن تخلق حالة من هذا التبعثر الموجود في الوقت الراهن في ظروف الهيمنة على السلطة من قبل أحزاب الإسلام السياسي والتوجه لإنجاح مشروعها الذي يختلف من حيث الشكل والجوهر مع مشروع العمل العمالي السياسي والتنظيم النقابي المعادي للاستغلال والداعي لتثبيت حقوق العمال في مواقع العمل من خلال سن القوانين التي تحميهم من الاستغلال والاضطهاد وتقف بالضد من المواقف المتناقضة للديمقراطية النقابية، كما تمنع استغلال المراة العاملة وتحميها من الحيف والتجاوز والظلم وما تفرضه التقاليد العشائرية من تقييدات تجعلها وكأنها مازالت تعيش القرون الظلامية، ولهذا نلمس من خلال تداعيات الأوضاع السياسية وما خلفته هذه التداعيات من واقع جديد على أوضاع الطبقة العاملة وحركتها النقابية، وتكمن المطالب العمالية المشروعة في إلغاء القرار رقم 150 لسنة 1987 وإعادة العمل النقابي للقطاع الحكومي والمختلط لفسح المجال للحركة النقابية والنقابات بالعمل بدون شروط مسبقة وسن قانون العمل وفق المعايير الديمقراطية المتفق عليها دولياً والعمل على دمج قانون التقاعد والضمان الاجتماعي مع قانون التقاعد العام ورفع الغبن عن المتقاعدين من العمال الذين يعانون من عدم التساوي في الرواتب وغيرها، وإفساح المجال لعمل النساء ووفق المعايير الإنسانية والقانونية والدولية وحسب قدرات وإمكانيات المرأة ومؤهلاتها ومساواتها بالأجور والاجازات والأمومة إضافة مشاركتها في عدم تغييبها عن سلطة القرار السياسي، كما تتقدم المطالب برفض تدخل الدولة والحكومة والأحزاب والكتل السياسية والدينية المتنفذة في الشؤون الداخلية للعمال وحركتهم النقابية الحرة.

إن آفاق متطلبات العمل النقابي لشغيلة اليد والفكر ارتباطاً بالأوضاع المأساوية وعدم الاستقرار والأزمات المتتالية والصراعات غير المبدئية على الكراسي تتوجب توحيد الجهود من اجل حركة نقابية واعية بدلاً من الصراعات غير المجدية التي تضر أهداف العمال وحركتهم النقابية، إن الطبقة العاملة شغيلة اليد والفكر هي صاحبة المصلحة الحقيقية في أنجاز مهمات بناء الدولة المدنية الديمقراطية لكي تزدهر وتتطور في ظل الأمان والسلم والتخلص من داعش والإرهاب والمافيا الطائفية والفساد وفي مقدمتها إنهاء المحاصصة الكارثة.

  كتب بتأريخ :  السبت 30-04-2016     عدد القراء :  3483       عدد التعليقات : 0