الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
جبهة \" الاتحاد الوطني \" ومن اين نبدأ .؟

من اين نبدأ: سؤال يطرحة كل من نهض مدركاً لما فعل به الدهر، وعزم على نفض ركام الكارثة التي حلت به او ببلده. ان مبعث ذلك من تجليات الحكمة والبصيرة، لدى من اراد حث الخطى والتقدم نحو اهدافه المصيرية. هذا السؤال المتميّز عن غيره. كونه يطرح نفسه من جديد في كل ناصية طريق، لان حركة النهوض تتخللها منعطفات لا نهاية لها، وبخاصة بعد وصولها الى عتبة الانتصار. حيث ساعة الفرز بين ما مضى وما سيأتي التي غالباً ما تكون محفوفة باستشراس القوى المهزومة. بديهية لا تحتاج الى فلسفة ولا الى تنظير، انما المطلوب العمل على استحضار مستلزمات العمل المطلوب لتلك اللحظة المعنية.

ان التداعيات السياسية في عراق اليوم تنذر بـ " تسونامي" سياسي من موديل مبتكر مستوحى من افكار " بايدن " نائب الرئيس الامريكي، الداعي الى جعل العراق عبارة عن " ارخبيل " من دويلات سرابية عائمة لا ضفاف لها. علماً انه سبق وقد ارسي اساساً لها فيما يسمى بـ" المكونات " !! . وفق مثلث، سنة ،شيعة، اكراد، وهنا يستوجب الاستدراك لنقر بان الاكراد يمكن اعتبارهم قومية متميزة ويجوز ان يطلق عليها اسم المكون الثاني للشعب العراقي. ولكن اية مميزات تميز السنة عن الشيعة العرب ليصبح كل منهم " مكوّن بذاته".؟ . فلا يوجد داخل القومية الواحدة فواصل مذهبية. مثلاً، الاكراد او التركمان لا يوجد في داخلهم ما يطلق عليه مكونات شعية ام سنية ضمن قومياتهم، التي هي مختلطة بين مذاهب متعددة، حالهم حال العراقيين العرب. اذن لماذا يفتعل ما يطلق عليه المكون السني والمكون الشيعي بين العراقيين العرب والذي لم يعرف ولم يعترف به الشعب العراقي على مدى تاريخ البلد.؟؟!!

وعودة على بدء نحو سؤالنا " من اين نبدأ ؟ " والحراك الجماهيري ثائراً راكباً متن الشارع. فهل تبقى القوى المدنية التي اسست لهذا الحراك مكتفية بمشاركته بالهتاف وبالتظاهر، و كأنها في مرثون لا تلوح له نهاية. ام تبدأ بارساء قواعد عمل لمرحلة يفرضها مستوى نضوج العزم الجماهيري. لقد بدا مجسّماً هذا القوام الذي ارتقت اليه القوى المدنية من خلال قيادتها للجموع الثائرة مؤخراً، بيد ان هذه المرحلة وما افرزته من مفارقات ومفاجأت تفترض الوقفة التي ينبغي ان تكرس لتقديم الاجابة على ذات السؤال " من اين نبدأ " الان بعد هذا الاختمار الثوري..؟ ولكي تبنى الجسور بين ضفاف جميع القوى المدنية المؤمنة باقامة دولة المؤسسات الديمقراطية المدنية المرتكزة على قاعدة العدالة الاجتماعية وسيادة مبدأ المواطنة. ان هذا الموجب وما يستدعي طرحه هو واقع قيادة الحراك التي يبدو عليها تعاني من وقوعها تحت ارادة الطرف الاقوى، حيث يصل غالباً الى حد الانفراد بالقرار. وقد تجلى ذلك بكل وضوح في فض اعتصام الخضراء، وكذلك الانسحاب من اعتصام البرلمان، ودخول المنطقة الخضراء والانسحاب منها، بصورة غير محكمة تماماً كما يبدو.

نكرر السؤال " من اين نبدأ .؟ " الاجابة هنا قد سبقت السؤال، متجلية بما تقدم من اشارة الى عدم صحة المشاركة في الفعل، وانعدام التوازن باتخاذ القرار, اي ميلان القرار لصالح الاقوى. اذن البداية بتوثيق المشاركة او التحالف او حتى الاتفاق المرحلي او حول مهمة محددة. واذا ما كان هذا وارداً وتفرضه الخطى المستقبلية المتصاعدة ، فمن المهم استدعاء ما قامت عليه" جبهة الاتحاد الوطني" عام 1957، لانها اثبتت كونها التحالف الوحيد الذي تأسس بين القوى السياسية الوطنية العراقية، و كان عبر ميثاق غير مختل التوازن لصالح طرف دون الاخر، فضلاً عن ان رسم الهدف كان يتم من قبل كافة الاطراف المؤتلفة. وهكذا حصلت ثورة الرابع عشر من تموز عام 1958 كثمرة لجهد متوازن وواضح الرؤى وواثق الخطى، ولكن ومع الاسف الشديد عندما لم يتفق، بعد انتصارها، على ما هي الخطوات المشتركة التي ترسم افاق الثورة ، سرعان ما تحول التحالف الى تناحر. اضاع الثورة في انقلاب شباط الاسود عام 1963. واضاع العراق في متاهة سوداء الى يومنا هذا.

  كتب بتأريخ :  السبت 07-05-2016     عدد القراء :  3540       عدد التعليقات : 0