الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
ضَحِكٌ كالبكا مع السيّد المستشار

شرُّ البليةِ ما يُضحِك.. لكنّه، ولابدّ، ضحكٌ كالبكا، كما قال المتنبي.

ومن آخر فصول المُضحك – المُبكي في حياة دولتنا السنِيّةِ السعيدة التي يُمثّل النائب السابق والمستشار الحالي وليد الحلّي أحد أعمدتها، السبعة والسبعين وليس السبعة! أن هذا المستشار الهمام تفتّقت قدرته التخيّلية على الإتيان بما لم يأتِ به الأوائل.

السيد الحلي، لمن لا يعرف، كان أيام زمان (أيام النضال ضد الدكتاتورية، وليست هذه الأيام، أيام السلطة والامتيازات) ناشطاً في مجال حقوق الإنسان، وفي هذا الإطار كان دائم السعي لردّ وتفنيد الاتهامات الباطلة من جانب نظام صدام للمعارضة، وبينها حزب الدعوة الإسلامية الذي ينتمي الحلي إلى قيادته.

في تصريحات تلفزيونية يقول السيد الحلّي إنَّ المتظاهرين، أو بعضهم، قد سرقوا من المكاتب التي دخلوا إليها في مجلس النواب ومبنى الأمانة العامة لمجلس النواب. هو لم يحدّد نوع المسروقات، بيدَ أنه ليس في وسع عاقل أن ينفي حصول سرقات، فليس كلّ المتظاهرين ملائكة ولا هم جميعاً بالوعي الذي يحول دون السرقة (بالمناسبة، المناضل والناشط الحقوقي والنائب السابق والمستشار الحالي، الحلّي، لم نسمع له يوماً صوتاً عالياً أو حديثاً حماسياً كحديثه الأخير بشأن سرّاق المليارات من المال العام، ربما لأنّ البعض منهم من أصحابه من أعضاء حزبه وائتلافه البرلماني، دولة القانون)!

السيد الحلي يقول أيضاً إنّ "المندسّين" في التظاهرات التي اقتحمت المنطقة الخضراء مرتين "هم قيادات حزب البعث التي أعلنت في كتب موثقة لدينا مشاركتها ودعمها للتظاهرات، إضافة إلى المعارضين للعملية السياسية مثل طارق الهاشمي وبقايا النظام السابق وإرهابيين خرجوا من السجون بهدف إسقاط الحكومة"... بالطبع أيضاً ليس في وسع عاقل أن ينفي مشاركة بعثيين ومعارضين للعملية السياسية في التظاهرات، فما دامت دولتنا نفسها بقضّها وقضيضها، وبآلتها الجبّارة العسكرية والشرطية والاستخبارية، وبأحزابها وميليشياتها، المتناسلة كالفطر، قد عجزت كلياً عن الكشف عن هؤلاء "المندسّين" مسبقاً وعن الخلايا النائمة للإرهابيين، فأنّى للمتظاهرين ونشطائهم أن ينجحوا في ما فشلت فيه هذه الدولة؟

ما سبق من تصريحات المناضل والناشط الحقوقي والنائب السابق والمستشار الحالي وليد الحلي يمكن التهاون معه فيه، لأنه قابل لأن يكون برغم أن السيد الحلي وحكومته لم يقدّما حتى الآن ما يثبته ( ربما سيخرجون علينا بـ "اعترافات" لبعض المعتقلين، لكنّها ستظل موضع شكّ كبير لأننا تعودنا على تلفيق "الاعترافات" ليس فقط في عهد النظام الذي ناضلنا ضده، ومعنا السيد الحلي، وإنما أيضاً في عهد النظام الحالي الذي يلعب فيه حزب الحلي وائتلافه البرلماني دوراً حاسماً ليس في وسع السيد الحلي نفيه ولا التنكّر لمسؤوليته فيه).

أما المُضحك المُبكي في تصريح السيد الحلي فهو قوله إنّ بعض المتظاهرين الداخلين إلى المنطقة الخضراء كانوا يحملون سيوفاً (لماذا نسيَ الخيل والعربات والمجانيق؟!).. نعم بالضبط هذا ما يقوله عضو المكتب السياسي لحزب الدعوة الإسلامية ومستشار رئيس الوزراء والنائب السابق والناشط الأسبق في مجال حقوق الإنسان في زمن النضال ضد دكتاتورية صدام حسين التي برغم كلّ وحشيّتها لم يتفتّق خيالها عمّا يتفتّق عنه خيال السيد الحلي!

متظاهرون، في السنة السادسة عشرة من القرن الحادي والعشرين، يحاربون بالسيوف!.. خيال مريض ولا شكّ. لن يستطيع السيد الحلي وفيلق الفبركة الذي يمكنه الاستناد إليه في تلفيق فيلم "يثبت" كلامه، أن يُوقفَ ضحكنا الذي هو كالبكا!

  كتب بتأريخ :  الإثنين 06-06-2016     عدد القراء :  2301       عدد التعليقات : 0