الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
استيعاب الدروس واجب وطني لالحاق الهزيمة الكاملة بالارهاب
بقلم : طريق الشعب
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

مرت يوم الجمعة الماضية الذكرى الثانية للنكسة السياسية - العسكرية، لاجتياح تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) الارهابي مدينة الموصل وتمدده سريعا الى محافظات ومدن اخرى في وطننا العزيز. وشكل هذا الاجتياح، وما رافقه من انهيار مفاجيء للوحدات العسكرية وانسحابها من دون قتال يذكر امام مجموعات مسلحة قليلة العدد نسبيا قياسا الى اعداد قواتنا المسلحة، وتخليها عن كميات كبيرة من شتى انواع الاسلحة بما فيها الثقيلة مثل الدبابات والدروع والمدافع وغيرها، قدرت قيمتها بما يزيد عن 22 مليار دولار، شكل منعطفا هاما في المشهد السياسي العام، وكانت له تداعيات كبيرة سياسية وامنية وعسكرية واقتصادية واجتماعية ومعنوية ونفسية.

ان السقوط الكارثي لمدينة الموصل بيد داعش الارهابي، واحتلاله ما يقرب من ثلث اراضي وطننا، جاء حصيلة لمجموعة من العوامل المترابطة، الداخلية والخارجية. وهي عموما اشرت اجواء الاحتقان وانعدام الثقة وتزايد الشكوكية بين الاطراف السياسية المتنفذة، وبين مكوناتها، وحالة الجفاء بين الحكومة الاتحادية والاقليم وبين الاولى والمحافظات، ودللت على استفحال النتائج المدمرة لنهج المحاصصة الطائفية - الاثنية، والى تفشي الفساد في المؤسسات المدنية والعسكرية، وسوء الادارة وضيق الافق ومنهج التفكير غير الديمقراطي، وعدم وضع الشخص المناسب في المكان المناسب وتفاقم الاوضاع الاقتصادية والمعيشية والخدمية، اضافة الى تزايد دور العاملين الدولي والاقليمي وتدخلاتهما الفجة في شؤوننا الداخلية.

وانعكس كل ذلك على المؤسسة العسكرية والامنية التي امتد الى صفوفها التاثير السيئ للمحاصصة الطائفية – الاثنية والتاثيرات الحزبية الضيقة.وغدت نظرا لطبيعة بنائها الهش وغير المستند الى عقيدة وطنية راسخة، شديدة التاثر بالتقلبات السياسة واجواء الشحن الطائفي، بل استخدمت احيانا خارج مهامها الدستورية وفي معالجة قضايا داخلية ولترجيح هذه الكفة او تلك في الصراع السياسي المحتدم بين الكتل المتنفذة على المواقع والنفوذ والمصالح.وهذا ترك بصماته على طبيعة ادائها وكفاءتها وفاعليتها وانضباطها وجاهزيتها،، وبالتالي لم تتمكن من الصمود امام الضغوط الكبيرة والمفاجئة. وفي جميع الاحوال لا يمكن فصل اداء القوات المسلحة عن قيادتها السياسية والعسكرية، ووضوح مواقفهم وقدرتهم على اتخاذ القرار السليم في اللحظات الحاسمة، وصدقيتهم في التعامل وفقا لمصالح الشعب والوطن العليا، وبعيدا عن الحسابات السياسية والحزبية الضيقة.

ولابد من الاشارة الى حجم التآمر الخارجي والداخلي ومناصبة العداء للعملية السياسية من قوى النظام السابق والمتضررين من التغيير في 2003، وممارستهم التخريب ولاضعاف قدرات البلاد واشاعة اجواء عدم الثقة واللاستقرار، وتشكلت من هؤلاء، ومن عناصر اخرى، نتيجة لسلوك الحكام ومنهجهم المفرق والاقصائي وسوء التعامل الحكومي حينذاك مع مطالب مشروعة لابناء المحافظات الغربية والشمالية، حواضن اجتماعية سهلت مهمة الدواعش في سيطرتهم على مساحات واسعة من بلادنا.

كما استفاد التنظيم الارهابي من حالة الاقتتال في سوريا وخروج مساحات واسعة في مناطق الحدود مع بلدنا، ما سهل له حشد عناصره والتحرك والتنقل بانسيابية بين البلدين.

ان ملف استباحة داعش الموصل ومدن اخرى، وكل الملفات ذات العلاقة مثل جريمة سبايكر ما زالت تنتظر من يقدم بجرأة على فتحها كاملة من السلطات الثلاث، ومن ذلك البت في تقرير اللجنة التحقيقية البرلمانية ( انجزت عملها في اب 2015) التي وجهت فيه الاتهام الى 35 شخصية مدنية وعسكرية، انه الان في ذمة القضاء الذي لم يحرك ساكنا.

وفي مجرى التصدي ضد داعش جرى استنهاض للهمم ولملمة صفوف القوات المسلحة وابعاد عناصر قيادية عنها وتطوع الالاف ضمن الحشد الشعبي وتشكيلات ابناء العشائر، فيما بدا التنسيق افضل مع البيشمركة، وحظي هذا الجهد الوطني بدعم من التحالف الدولى، وبفضل هذا تحققت انتصارات هامة على طريق تحرير اراضينا من قبضة داعش الاجرامي في ديالى وصلاح الدين والموصل والانبار، فيما المعارك محتدمة لتحرير مدينة الفلوجة وخلاص اهلها، استلزمت تلك الانتصارات تقديم تضحيات غالية وشهداء من كل الاطراف والتشكيلات.

ان هذه الانتصارات شكلت انعطافة مهمة في مجرى الحرب ضد داعش وتمت استعادة مساحات واسعة من اراضينا وهي بامس الحاجة الى العناية الفائقة بها وتقديم الخدمات لها واعمارها واعادة النازحين اليها بسلام وحفظ كرامتهم وانسانيتهم، من دون ابطاء وقيود تزيد من معاناتهم.ويتطلب من الحكومة موقف واضح حاسم تجاه اي خرق لحقوق الانسان يتعرض له ابناء المناطق المحررة او النازحين، ومحاسبة من يقدم على ذلك.

ان عبر ودروس المعارك ضد داعش غنية وثمينة، ومن اجل تحقيق الانتصار النهائي على داعش، وليس العسكري فقط، يتوجب اعتماد خطة متكاملة للتصدي للارهاب، سياسية وعسكرية – امنية واقتصادية واجتماعية واعلامية،واعادة بناء المؤسسة العكسرية والامنية على اسس سليمة ويكون الولاء للوطن في اولوياتها ومكافحة الفساد والرشى في صفوفها وتخليصها من " الفضائيين "وتشريع قانون الخدمة الالزامية. وان يتم تنسق جهود كافة الاطراف والجهات الداخلية والدولية، وتحت قيادة واحدة، والعمل الحثيث على ان تكون المعركة ضد داعش هما وطنيا مشتركا، وكل ذلك بهدف ان لا نرى في المستقبل داعش بصيغة اخرى، او اية صيغة.

ان الحراك الجماهيري الواسع والمتعدد والسلمي وهو يخوض غمار معركة شعبنا الثانية من اجل الاصلاح والقضاء على مسببات عوامل النكسة في 10 حزيران 2016 ويطالب بالتغيير والخلاص من المحاصصة والفاشلين والفاسدين، و ببناء دولة المؤسسات والقانون والعدالة والديمقراطية الحقة، فهو بذلك يقدم دعما كبيرا لقواتنا المسلحة والمقاتلين على اختلاف مسمياتهم، فالارهاب والفساد احدهما يدعم الاخر وهما وجهان لعملة واحدة.

نحن على كبير ثقة بامكانيات شعبنا وقدراته على اجتراح المأثر والبطولات، واليقين ان النصر على الارهاب آت لا محالة.

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 14-06-2016     عدد القراء :  2055       عدد التعليقات : 0