الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
بيان (13) يعود بثوب جديد!
بقلم : مرتضى عبد الحميد
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

عندما أصدر فاشيو شباط 1963، بيانهم رقم (13) سيء الصيت، الذي أطلق أيدي الحرس القومي وقيادات الشرطة والأمن، فضلا عن مسؤولي حزب البعث، حتى الصغار منهم، لتصفية الشيوعيين والتقدميين عموماً، بأعتبارهم معادين لـ "عروس الثورات"، أصيب المجتمع الدولي بصدمة شديدة، وقوبل البيان السادي بعاصفة من الإدانة والشجب والاستنكار، داخليا وخارجيا، وتشكلت لجان تضامن مع الشعب العراقي في العديد من بلدان العالم، ضمت في صفوفها خيرة المفكرين والمثقفين في بلدانهم، وأستطاعت أن تحد بقدر معين من اندفاع الضواري التي حملها القطار الأمريكي إلى السلطة، للقضاء على ثورة تموز وما حققته للشعب العراقي من مكاسب وإنجازات، ولتصفية من نذروا أنفسهم للدفاع عنها، وسعيهم في ذات الوقت لفرملة ميول قيادتها الفردية، الاستبدادية، والعودة بها إلى السكة السليمة.

وكما هو معروف، فأن  بعض الضحايا، تستهويهم أخلاق الجلاد فيتأثرون بها، ويسعون إلى تطبيقها على من أصبحوا ضحايا لهم، لا سيما إذا كانت البوصلة ضائعة أو معطلة، الأمر الذي يؤدي إلى حالة من الفلتان، و الفوضى، وغياب الدولة أو حشرها في زاوية ضيقة، بحيث لا تستطيع التأثير في مجريات الأمور، ولا القيام بواجباتها تجاه الوطن والمواطن، كما يحصل لدينا ألان، فالمجاميع المسلحة والميليشيات، وعصابات الجريمة المنظمة، تصول وتجول على هواها، لتكمل مهمة "داعش" والإرهابيين الآخرين في تجريد العراقي من كرامته وحريته، وحقه في الحياة!

لقد أصبح واضحاً، حتى لمن وعيه متدنٍ، أن جذور هذا الواقع المساوي، تكمن في أعتماد الهويات الفرعية، كالطائفة والقومية والعشيرة، والابتعاد بسنين ضوئية عن الهوية الوطنية الجامعة لكل العراقيين، وأستغل العديد من قادة الكتل المتنفذة، والمسؤولين هذه الوصفة المسمومة، ليراهنوا عليها، في وصولهم إلى السلطة، والتنعم بخيراتها دون خلق الله جميعا.

من المفارقات الجديدة السوداء في عراقنا المبتلى، وهي كثيرة جداً، أن الفصل العشائري بات يشمل حتى الشركات الأجنبية العاملة في العراق، فأحدى الشركات الكورية اضطرت إلى (أخذ عطوة) ومن ثم دفعت فصلا عشائرياً قدره ثمانية ألاف دولار، لان أحد موظفيها تشاجر مع أحد أبناء العشيرة!

وقد تهون هذه الحادثة الغريبة، إذا ما قورنت ببيان صدر قبل بضعة أيام عن مؤتمر لعشائر واسط، وبحضور رسمي، ينص على البراءة من المشاركين في المظاهرات المليونية المطالبة بإصلاح العملية السياسية، ومحاربة الفساد، وتوفير الخدمات لسائر العراقيين، المتواصلة منذ تموز الماضي وإهدار دمائهم، في تحدٍ غير مسبوق للدستور العراقي، ولكل القوانين السماوية والوضعية وتجاوز فظ على حقوق الإنسان والديمقراطية، وعلى دور الدولة في حماية مواطنيها ورعايتهم وتلبية حقوقهم.

والغريب في الأمر أن هذا البيان الدموي مر مرور الكرام، ولم يقابل بما يستحق من الإدانة والاستنكار والتصدي الحازم لمضامينه، ولمن كتبه وروج له.

إن الدواعش، يقتلون من يخالفهم في الرأي أيضاَ، فهل جاء هذا البيان تشبهاً بهم؟ أم هو عودة الى تراث البعث الفاشي في 1963 وفترة "صدام حسين" المظلمة؟

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 28-06-2016     عدد القراء :  2265       عدد التعليقات : 0