الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
العالم أفضل بدون صدام .. توني بلير يغني

   بعد صدور تقرير جون تشيلكوت حول اشتراك بريطانيا في حرب تحرير العراق من نظام صدام ، تحدث توني بلير معربا عن اسفه للضحايا الذين سقطوا نتيجة هذه الحرب ، ولكنه اضاف ان العالم افضل بدون صدام حسين.

   ليس بوسعنا مناقشة تقرير شلكوت بتفاصيله المطولة التي تجاوزت مليوني كلمة ، وصدرت في مجلدات تعداد صفحاتها حوالي 800 صفحة . ولكن من المهم ان ننظر الى بعض المفاصل التي دار عليها التقرير والواقع الذي انتجته حرب تحرير العراق من صدام ، من خلال الملخص الذي نشرته البي بي سي باللغة العربية ، ومما جاء فيه:

   * ان توني بلير بالغ في تقدير حجم قدراته للتأثير على القرارات الأمريكية.

   واذا اردنا مناقشة هذه الفقرة ، فانها لا تعد مثلبة على رئيس الوزراء البريطاني توني بلير انذاك ، ففي خضم المعترك المعقد لمسيرة حروب صدام وتهديداته لجيرانه ، على الاخص غزوه للكويت ، جعل حكم العراق تحت ادارة دكتاتور مثل صدام مشكلة مستعصية على الحل ، فكيف يطمئن الغرب لحاكم يهاجم بالاسلحة الفتاكة مواطني بلده الذي يحكمه ، وجيرانه المسلمين ، وهو الذي هاجم الاهوار و حلبجة في كردستان بالاسلحة الكيمياوية ، وهاجم ايران باسلحة بايولوجية او جرثومية وغازات الاعصاب ، والتي كانت نتائجها تظهر في منعطفات الحرب التي امتدت على مدى ثماني سنوات ، وحروب الانفال على ابناء الشعب الكردي خلال الحرب مع ايران وبعدها .

   مثل هذه الاعمال البربرية والحروب الدموية ليست كافية وانما اكثر من كافية لمعاقبة نظام صدام واقتلاعه من جذوره ، ولذلك حين يقول التقرير ان توني بلير بالغ في تقدير حجم قدراته للتأثير على القرارات الامريكية ، فان هذا الكلام او هذه الملاحظة لا قيمة لها تجاه الاحداث المتشابكة التي عصفت بالمنطقة والتي كان صدام احد طغاتها الحاقدين على كل من حوله ، حتى حول العراق والمنطقة الى طائر يشوى على السفود . فسواء بالغ توني بلير بقدراته على التاثير على القرارات الامريكية ام لم يبالغ فان اعظم دولة في العالم ارتأت ضروروة ازالة نظام صدام من المنطقة ، مثلما يرى الطبيب الجراح ضرورة ازالة ورم سرطاني من الجسم ، رغم الاعراض الجانبية التي قد تظهر بعد نجاح العملية ، كذلك موقف توني بلير تجاه القرارات الامريكية بشأن ازالة نظام صدام ، فهو ان بالغ او لم يبالغ لا يغير من الامر شيئا ، فقدر صدام صنعه هو بنفسه ، واقتضى معاقبته على افعاله وجرائمه التي لا تعد ولا تحصى سواء ضد شعب العراق او ضد شعوب المنطقة .

   اما الامر الثاني الذي يدور حوله ملخص تقرير تشيلكوت فهو :

   ** ان بريطانيا اختارت المشاركة في غزو العراق قبل استنفاد كل الخيارات السلمية، ولم يكن العمل العسكري في ذلك الوقت ملاذا أخيرا.

   قد يكون الامر بالنسبة لبريطانيا ليس مهما ، فالخيارات السلمية التي كانت متاحة امام بريطانيا هي خيارات محدودة ، وان اي سماح لصدام بالتنفس وهو يغرق ، سيجعله يطمح الى مزيد من حبال النجاة والمزيد من الاوكسجين الذي سيحاول الحصول عليه بالابتزاز من خلال المناورات التي كان يقوم بها عن طريق التحايل واغراء الروس بحقول نفط مجنون ، ومحاولة الاستفادة من دعمهم ، واللعب على حبال شركات النفط العملاقة التي كان على استعداد لان يهبها ما تريد من عقود نفط مقابل حبل النجاة لانقاذ نظامه ، وكان يلجأ الى الحيل باساليب لاتخلو من العنجهية ، ومن بين تلك الحيل حجز الاجانب الذين كانوا في العراق واتخاذهم رهينة يساوم بهم الغرب من اجل الافلات من مصيره المقرر سلفا باستحقاق الجرائم التي اقترفها . فاللجوء الى الخيارات العسكرية دون استنفاذ الخيارات السلمية جميعا ، امر ليس غريبا على الاستراتيجية السياسية التي تنظر الى انسب السبل للنصر ، فلرب خيار سلمي اشد مرارة من الخيار العسكري ، وهو ما كان سيحدث مع صدام فعلا ، مثلما حدثت النتائج السلبية لمعاهدة صفوان المذلة التي عقدها مع الامريكان بعد خسارة معركة الكويت ، وظل يتشدق بعدها بانه انتصر على ثلاثين دولة ويحتفل بعيد النصر ، يا للمهزلة .

   الامر الثالث هو :

   *** ان المعلومات الاستخباراتية "لم تقدم بما يقطع الشك باليقين" أن صدام حسين استمر في إنتاج أسلحة كيمائية وبيولوجية.

   حين يمتلئ الفضاء بالغبار يصعب على الملاح تحديد نقطة الهدف بدقة ، ومع ذلك لا بد له من الهبوط قبل ان ينفـد الوقود الذي يقود به طائرته ، وفي هذه الحالة لا يخلو الامر من مخاطر قد يتعرض لها المرء ولكن ان لم يحاول ويبقى معلقا في الهواء فلا بد من نفاد وقوده وسقوطه وفي ذلك خسارة لا تعوض ، لذلك فان عدم قطع الشك باليقين حالة مثالية في حالة الحرب مع نظام صدام ، لا احد يفكر في اتباعها تجاه عدو معتوه لا تعرف ردود فعله ، وهو نفسه لا يعرف التحكم بتصرفاته لجنون العظمة المصاب به ، والتخلف الذي يعيشه ، لدرجة انه ونظامه اقام الدنيا ولم يقعدها في قصة ملفقة بطلها منكاش الذي زعموا انه اسقط طائرة اباجي ببندقية برنو .. على غرار حكاية الطوب احسن لو مغواري .. وتعال طلع هذا البطل من هذا الوحل .

   فكيف ينتظر رئيس وزراء بريطانيا المعلومات الاستخبارية حتى يقطع الشك باليقين ، ان القرار اتخذته امريكا وفق معطيات دولية ، ومصالح غربية ، وحاجة عراقية ملحة للخلاص من طاغية متخلف ، فما الذي يدعو توني بلير لقطع الشك باليقين وحاملات الطائرات الامريكية وطائرات الشبح والبوارج الحربية اخذت طريقها نحو الخليج كي تطيح بصعلوك احمق ... من ينتظر اليقين ليتخلف عن اللحاق بالاخ الاكبر ، وهل ننسى المثل العربي انا واخي على ابن عمي وانا وابن عمي على الغريب ، ام ننسى قولنا انصر اخاك ظالما او مظلوما ... والافضل ان نترك تقرير تشيلكوت لاهله ما دام صدام قد نال جزاءه ، وننصح توني بلير ان يغني مع المطرب العراقي ابو يعقوب :

   لاقعدن على الطريق واشتكي /// واقول مظلوما وانت ظلمتني

   ياتشيلكوت..... يا عيوني ....

   رابط ملخص التقرير

   http://www.bbc.com/arabic/middleeast/2016/07/160706_chilcot_report_results_at_glance

  كتب بتأريخ :  السبت 09-07-2016     عدد القراء :  3786       عدد التعليقات : 0