الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
ازمة مياه وادي الرافدين، التداعيات والحلول*
بقلم : د. سلمى سداوي
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

يسمى كوكب الارض بالكوكب الازرق لكون ثلاثة ارباع مكونه ماء، وبالرغم من هذا الكم الهائل من الماء، ٢٪ منه فقط ماء عذب ولكن ٩٠٪

من هذه المياه الصالحة للاستعمال البشري هي مياه منجمدة في قطبي الكرة الارضية او مياه جوفية لايمكن الوصول اليها، ١٠٪ فقط في متناول الانسان وهي موزعة بشكل غير متجانس على الجزء اليابس من الارض.

ومع التغيّر المناخي الحاصل في الاونة الاخيرة تنحسر كمية المياه وذلك من خلال سرعة التبخر وهطول الامطار في غير اماكنها ومواعيدها وكذلك الزيادة المطردة في الكثافة السكانية في العالم بشكل عام والشرق الاوسط بشكل خاص، فالمياه تعتبر الان المفتاح الاهم في التغيّر والتحكم في الوضع الاقتصادي والصحي والسياسي.

في الخمسين سنة الاخيرة جرى الاستئثار في مياه نهريّ دجلة والفرات من قبل دول المنبع الجارتين تركيا وإيران وذلك من خلال بناء مشاريع اروائية كبرى وضعت العراق على حافة التصحر.  حيث كان مدخول العراق من مياه الفرات ودجلة وروافده يتراوح بين ٧٠ الى ٨٠ مليار متر مكعب بالسنة.  ومنذ سبعينيات القرن الماضي نفذت تركيا مشروعها الاكثر طموحا في العالم مجشا (مشروع جنوب شرق الاناضول) لاستغلال مياه دجلة والفرات التي تمثل بحدود ٦٥٪ من واردات العراق المائية وذلك من خلال بناء ٢٢ سدا عملاقا وتسع محطات كهرومائية وإنفاق عملاقة لنقل الفائض من مياه المنطقة لارواء حقول حران.  أما الجارة إيران هي الاخرى سائرة في نفس السياسة المائية للجارة تركيا، حيث نفذت مشاريع مائية كبرى في المنطقة الغربية من إيران لتحرم العراق من معظم المياه التي تغذي شرق العراق وهور الحويزة وشط العرب والتي تمثل ٣٥٪ من الوارد المائي السنوي للعراق.  غيرآابهين للقانون الدولي او لما تسببه هذه المشاريع من حرمان وتصحر وفاقة.  يبدو ان المنطق التركي في مشكلة توزيع المياه بين الدول المتشاطئة يتلخص في انه ليس من حق العراق المطالبة بالماء النابع من تركيا مثلما ليس من حق تركية المطالبة بنفط العراق.  كذلك الحال في المنهج المتبع في السياسة الايرانية حيث تعتبر مياهها ضمن السيادة الوطنية.

ولحل ازمة المياه التي تتفاقم يوميا يتوجب علينا اللجوء الى استعمال القانون الدولي للبلدان المتشاطئة في شكله الاخير لعام ١٩٩٧ وتحريك الرأي العام العالمي، هذا من جانب اما الجانب الاهم هو عقد مفاوضات مباشرة مع الجانب التركي على مبدأ تبادل المنفعة، باعتبار ان الماء هو مادة مصنعة (كلفة بناء السدود والخزن والطاقة المصروفة) اخذين بالنظر ان منطقة جنوب شرق الاناضول تعاني من الفقر والعازة ولاتملك غير الماء.

أما المفاوضات مع الجانب الايراني يلزمها الاعتماد على على علاقة حسن الجوار والتبادل التجاري والمعاهدات السياسية حيث ان منطقة غرب إيران غنية بالنفط والمواد الخام الاخرى ولاتحتاج بيع الماء.

كذلك التفكير في الاستفادة من إحياء مشروع نقل المياه من العراق الى الاردن والكويت والذي بدأت دراسته وتنفيذه في مطلع السبعينيات من القرن الماضي وهذا يجعل من العراق من دولة مصب الى دولة اعلى في النهر والاردن والكويت دولتا مصب وبالتالي يعود هذا المشروع بالفائدة لتركيا ماديا والعراق ماديا ومعنويا.

أما على الصعيد الداخلي يتوجب على العراق حكومةً وشعباً الشروع وبدون تاخير حماية الانهار من التلوث، بناء خزانات كبيرة للاستفادة من المياه في غير المواسم الزراعية، تصليح شبكة الري وشبكات المدن، تجميع الماء المستخدم بعدة تحليته لدرء ظاهرة التصحر وتخفيف حرارة الجو.

هذه الحلول كلها ممكنة إذا توفر عامل الاخلاص والحرص والوطنية.

*القيت في مؤتمر لندن للمياه المنعقد في بداية شهر تموز 2016

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 19-07-2016     عدد القراء :  1989       عدد التعليقات : 0