الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
خنق الحريات

قبل أعوام كلفت بإدارة اذاعة «اتحاد الشعب» في محافظة بابل، ولجهلي بالإعلام المرئي والمسموع، الزمت نفسي بقراءة ما يتعلق بالإعلام وفهم ابجدياته، وكانت رحلة طويلة مع الكتب. ومن ضمن ما قرأت في كتاب «قصة الفلسفة» لـ ويل ديورانت، نص حول الحرية جاء فيه: «ان هدف الدولة هو الحرية، لأن عمل الدولة هو ترقية النمو والتطور، ويتوقف هذا على القدرة وتوفير الحرية، ولكن ماذا يفعل الناس لو كتبت قوانين النمو وخنقت الحرية؟ وماذا يفعل الناس لو اتجهت الدولة الى ايثار مصلحة الطبقة الحاكمة والسعي الى الاستئثار بالسلطة؟»، ويجيب: «يجب اطاعة القوانين حتى لو كانت جائرة ما دامت الحكومة لا تمنع الناس من حرية الكلام والاحتجاج للوصول الى تغيير الاوضاع بالوسائل السلمية، اذ ان حرية الكلام والاحتجاج والنقد ستؤدي في النهاية الى تغيير الاوضاع الفاسدة بالوسائل السلمية».

تذكرت وانا أقرأ ان برلماننا الموقر يسعى الى إصدار قانون خنق الحريات المسمى تجاوزا «قانون حرية التعبير والتظاهر السلمي»، الذي يخالف الدستور العراقي الذي أقره الشعب، ويتجاوز على الاعلان العالمي لحقوق الانسان. فالمادة (46) من الدستور تؤكد ان التحديد أو التقييد القانوني لممارسة أي من الحقوق والحريات الواردة في الدستور، ينبغي أن لا يمس جوهر الحق أو الحرية.

ويبدو أن مشروع القانون جاء على خلفية التظاهرات والاحتجاجات الشعبية المطالبة بمحاكمة الفاسدين وبناء دولة المؤسسات بعيدا عن الطائفية والحزبية والمحاصصة البغيضة، التي أوصلت البلاد الى هذا الوضع المأساوي. فقد تضمن مواد لا تحجب الحريات وحسب، وانما تمنع أي حرية مهما كانت ضئيلة، وهو لا يختلف من حيث الجوهر عن أي قانون اصدرته الحكومات الدكتاتورية، وكان على المشرع دراسة قوانين الدول الديمقراطية والاستئناس بها والاستفادة من تجاربها، بدلا من الاعتماد على قوانين الدولة العراقية السابقة التي تخلصنا منها وما زالت قوانينها هي النافذة.. «اسمع... اسمع»، صاح سوادي الناطور منفعلا: «اگلك گضينا عمارنه نطلع مظاهرات ونسقط حكومات ونوري سعيد بزره ما گدر يوگف بوجه الوادم، تريد ذوله يوگفون الناس؟ وذوله خاف حسبالهم أدّوم الهم لأن نسوا وين چانوا أوين صاروا، وفرقهم عن الگبلهم صدام چان ساد أحلوگنه وهمه سدوا أذانهم لا يسمعون ولا يقرون، وما يدرون تاليها ينطبگ الطابگ طبگ ويكنسهم الشعب ويصير أيدك بايد أبن عمك يملك حسين!».

  كتب بتأريخ :  الإثنين 25-07-2016     عدد القراء :  2823       عدد التعليقات : 0