الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
نداء تاريخي إلى عقلاء الشيعة وعقلاء السنة

   النداءُ تاريخيٌّ بكل معنى الكلمة، وليس في وصفه بالتاريخية أي قدر من المبالغة.

   تاريحي هو لأنه من أجل إنقاذ العراق.

   وموجه إلى العقلاء، لأن العقلاء لا يكونون عادة طائفيين، ولأن الطائفيين غير معنيين بهذا النداء، لأنهم لا يسمعون صوت العقل.

   لكن قد يُشكَل على هذا النداء أنه ليس إلا نداء ضياء الشكرجي، فمن خوله يا ترى ليتكلم باسم الشعب العراقي، وليكون لسان حال العقلاء.

   لا أبالغ إذا قلت إنه نداء كل عقلاء العراق، وكل المتحرقة قلوبهم على مصالحه وعلى مستقبله. وليست هي إلا الصدفة جعلتني أنا الذي أكتب هذا النداء، الذي كان من الممكن أن يصدر عن أي واحد من الكثيرين الذين يلتقون معي في التشخيص.

   وقدمت في العنوان وفي النداء الشيعة على السنة، لأنهم يمثلون كما يُعبَّر المُكوِّن الأكبر.

   ولأن المكون الأكبر هو الذي يتحمل المسؤولية أولا، وقبل أي طرف آخر.

   ولا أغالي إذا قلت إن عدم الاستجابة لهذا النداء يجعل غير المستجيبين له مشاركين مع سبق الإصرار في مواصلة ارتكاب الجريمة التاريخية ضد العراق، شعبا، ووطنا، ودولة.

   يجب وضع نهاية للطائفية السياسية، فلا خلاص للعراق إلا بوضع النهاية لها، والتخلي عن انتماء السياسي سياسيا وفقا لهويته الطائفية، والدينية، والقومية، وليس على أساس رؤية سياسية تؤمن بالمواطنة، وبدولة المواطنة، وتعمل على إنهاء دولة المكونات.

   النداء موجه إلى عقلاء ووطنيي الشيعة أولا، وإلى عقلاء ووطنيي السنة، من السياسيين، سواء كانوا في السلطة التشريعية، أو السلطة التنفيذية، أو كان منهم من يمارس دورا أو نشاطا سياسيا خارج السلطتين.

   بما أن شرط تأسيس دولة المواطنة، هو حلّ جميع الأحزاب الشيعية، والأحزاب السنية، وبما أنه من المستحيل أن تخطو قيادات هذه الأحزاب بمثل هذه الخطوة، فعلى العقلاء اللاطائفيين المنتمين إلى أحزاب شيعية أو سنية، أو كتل أو تحالفات برلمانية شيعية أو سنية، إذا كانوا قد شخصوا خطأهم، ألّا يكابروا، ولا تأخذهم العزة بالإثم بحق الوطن، وأن يقرروا ويعلنوا بشجاعة خروجهم من تلك الأحزاب والتحالفات، الشيعية والسنية. وعندها تكون أمامهم عدة خيارات؛ إما أن يبقوا سياسيين مستقلين، وإما أن ينتموا إلى حزب عابر للطوائف، يرونه الأقرب إلى توجهاتهم وقناعاتهم وأولوياتهم، فيما يرونه أنفع للوطن والمواطن، وللنظام الديمقراطي الحقيقي، إذا عثروا على مثل هذا الحزب، وإما أن يذهبوا إلى تأسيس أحزاب علمانية متمسكة بمبدأ المواطنة، يمكن أن تتوزع إلى ثلاثة اتجاهات رئيسة؛ اتجاه اليسار الديمقراطي التجديدي، واتجاه الليبرالية الملتزمة بالحد الأدنى من العدالة الاجتماعية، والاتجاه الوطني الوسطي أو المحافظ، لكن المستوفي لشرط التنوع، وعدم التخندق مذهبيا، أو دينيا، بل وحتى قوميا، مع وجوب التزام هذه الأحزاب بالتداول في المواقع القيادية، ووضع ضمانات في أنظمتها الداخلية تحول دون ظاهرة الرئيس مدى الحياة، كما هو الحال فيما يكاد يكون في جميع الأحزاب الراهنة، القديمة منها والجديدة، الإسلامية وغير الإسلامية. ولعل الأجدر أن يتأسس في هذه المرحلة حزب واحد يستوعب كل الاتجاهات العلمانية، وبشرط عدم قبول راكبي الموجة، الذين يبحثون عن موضع قدم جديد، رغم تحملهم مسؤولية تكريس دولة المكونات لثلاثة عشر عاما، كبعض أعضاء جبهة الإصلاح، الذين هم أبعد ما يكونون عن الإصلاح.

   وعقلاء الشيعة هم المعنيون بالدرجة الأولى.

   فلا يمكن أن ننتظر من سياسيي المكون الأصغر نسبيا أن يكونوا المبادرين، بينما يبقى سياسيو المكون الأكبر مُصِرّين على تخندقهم الشيعي. ومن لا يبادر من سياسيي الشيعة، يكون مشاركا في الإصرار على مواصلة الجريمة التاريخية الكبرى بحق العراق. وإذا ما فعل ذلك عقلاء الشيعة من السياسيين، عندها يكون سياسيو السنة المصرون على دعوى تمثيل المكون، هم المصرين على مواصلة هذه الجريمة التاريخية الكبرى بحق العراق، إذا أصروا، لكني أحتمل إن هذا سيكون عامل تشجيع لهم للحاق بهذه المبادرة التاريخية، لأنهم هم الخاسرون في دولة المكونات، بينما لا يكونون خاسرين أبدا في دولة المواطنة.

   فيا عقلاء الشعية ويا عقلاء السنة من السياسيين الوطنيين، إذا كنتم فعلا قد شخصتم خطأ ما مورس منذ 2003 حتى الآن، وإذا كنتم حقا حريصين على إنقاذ العراق، فاملكوا الشجاعة في اتخاذ هذه الخطوة التاريخية، حيث سيسجلكم التاريخ في سجل المنقذين، أو المصححين، وستكونون عند الشعب من التوابين، فتُكفِّرون عن سنوات انتمائكم إلى أحزاب وكيانات وتكتلات الطائفية السياسية والإسلام السياسي، وستجُبُّ خطوتكم هذه ما قبلها من جاهلية الطائفية السياسية.

   وإلا فسيقول التاريخ بحقكم، قفوهم أمام محكمتي، إنهم مسؤولون، بل هم مدانون.

   هذا نداء الوجدان، نداء الضمير، نداء الوطن، فهل من مجيب؟

   01/08/2016

الحوار المتمدن

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 03-08-2016     عدد القراء :  3138       عدد التعليقات : 0