الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
هل الميليشيات الطائفية أقوى من الجيش العراقي ؟

في الحقيقة حفزنا للعودة والكتابة عن هذا الموضوع مسألتين نشرتا في وسائل الإعلام بشكل واسع.

الأولى: تصريح السيد هادي العامري الرئيس الحالي لميليشيات بدر التي تأسست في إيران أبان حكم النظام الدكتاتوري في العراق تحت طائلة محاربة ذاك النظام، وظهر السيد هادي العامري في مقطع فديو انتشر كالنار في الهشيم في وسائل الإعلام العراقية والعربية والعالمية وهو يصرح ويقاتل الجيش العراقي حينذاك، أما عن تصريحه الحالي الذي استغرب منه كونه مسؤول حكومي ومسؤول كبير في الحشد الشعبي بما يحمله من تداعيات مسبقة لنتائج متوقعة! فالتصريح الذي أدلى به ونشرته وسائل الإعلام لم يكذبه هادي العامري ولم يعترض عليه لا رئيس الوزراء حيدر العبادي أو أي مسؤول في التحالف الوطني الشيعي ولا مسؤول أمني في الجيش أو الشرطة الاتحادية لا من بعيد ولا من قريب، أما التصريح الذي كان ضمن كلمته في الاستعراض العسكري لقوات بدر المنضوية للحشد الشعبي في قضاء الدور بمحافظة صلاح الدين يوم الأربعاء 7 / 9 / 2016 "إن قوات بدر أصبحت أقوى من الجيش العراقي والشرطة العراقية" وهذا التصريح الذي لم يحظ إلا باستنكار أكثرية القوى الوطنية وأكثرية الشعب العراقي جاء في وقت مشاركة قوات الجيش العراقي والشرطة الاتحادية في معارك طاحنة بالضد من قوات داعش الإرهاب ثم الانتصارات الملموسة التي سجلت من قبلهم أو من قبل قوات البيشمركة العائدة للإقليم في قواطع من كركوك وديالى ونينوى وهنا يتبادر للذهن استفسار منطقي ــــ إذا كانت قوات بدر أقوى من الجيش العراقي فكيف هو الحشد الشعبي الذي يضم العديد من الميليشيات المسلحة وجميعها من مكون واحد تقريباً فهو ليس أقوى بل أعظم من الجيش وهذا هو الخطر بعينه رضي البعض أو رفض!

الثانية: عملية المصادمات المسلحة مع ميليشيات طائفية مسلحة ونشرته شفق نيوز الجمعة، 09 / 9/ 2016 حيث أحبطت عملية اختطاف من قبل مجموعة منتمية لأحدى الميليشيات الطائفية وأفادت قيادة العمليات المشتركة " تم إخبار الفوج الثالث اللواء الثالث شرطة اتحادية بوجود مجموعة مسلحة مكونة من (11) شخص يستقلون (3) عجلات مختلفة الأنواع يحملون أسلحة متنوعة قامت بخطف مواطن من منطقة" الزعفرانية" وقد انتهت هذه المصادمة المسلحة باعتقال البعض ومعهم أسلحتهم وعجلاتهم، هذه المصادمة لم تكن الأولى وحتماً لن تكون الأخيرة فالميليشيات الطائفية المسلحة أصبحت قوة عسكرية ضاربة على الأرض وهي تتحدى المؤسسات الأمنية الحكومية كالجيش العراقي مع وجود تأكيدات رسمية قوية على أن قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني يتحكم في هذه الأخيرة ويتدخل في القضايا الداخلية كالتعيينات وغيرها ولا نعرف بالضبط رأي رئيس الوزراء أو الجهات المتحالفة في التحالف الوطني وتبقى هذه الأخبار محصورة على نطاق ضيق في وسائل الإعلام التي تنشرها بشكل سريع ولقطات إعلامية خبرية، لا بد من الإشارة إلى ما سبق وما أكدنا عليه أن الميليشيات المسلحة الطائفية راحت تتوسع وتقوى عدداً وتسليحاً وستكون أداة ليس لإضعاف الجيش العراقي فحسب بل جميع المؤسسات الأمنية التابعة للدولة حتى تصل إلى نقاط التصادم المسلح والهيمنة على المناطق والقرار السياسي وحتى الصِدام مع البيشمركة وغيرها وكل ذلك بحجة الوقوف ضد الإرهاب وضد وداعش، أما المليشيات الطائفية المسلحة فهي خارج نطاق تفكير رئيس الوزراء الحالي مثلما كانت في عهد رئيس الوزراء السابق والأسبق لوجود نهج طائفي ووجود غطاء خارجي معروف!!، إلا أن الحقيقة تكشف السعي لتكوين قوة أمنية مسلحة قوية وبأسلحة متطورة مثلما نراه اليوم، كما أن الحقيقة تجلت من خلال العديد من المصادمات والحركات العسكرية من قبل البعض من تنظيمات الميليشيات المنضوية تحت الحشد الشعبي وهي تستغل انضوائها لتنفيذ مخططات تضر وحدة القوات المسلحة العراقية والعملية السياسية وخير دليل ما قامت به هذه الميليشيات أثناء التصادم المسلح أعقاب إحباط عملية خطف في الزعفرانية جنوب العاصمة بغداد والتي أعلن عن اعتقال حسب ما أكدته قيادة عمليات بغداد في بيان ورد لشفق نيوز " تم إلقاء القبض على 15 مسلحا مع عجلاتهم من قبل الشرطة الاتحادية حاولوا الاعتداء على القوات الأمنية " وربما أن هذه البروفات المسلحة شبه تحضيرات للبروفة الكبرى وهذا ما تخشاه الأكثرية من المواطنين باعتبارها ستلحق الكثير من الكوارث بالبلاد وبالشعب العراقي وبخاصة في ظروف الحرب ضد داعش الإرهاب التي أظهرت العديد من التحركات المعادية لكي لا تحسم المعركة لصالح الجيش والقوات المسلحة العراقية، وقد تكون ضمن هذه الحركات عملية حجب الثقة وإقالة وزير الدفاع خالد العبيدي في مهرجان مسرحي أبطاله البعض ممن كانوا لا يتركون مناسبة لتصفية البعض من الحسابات وقد أشار الحزب الشيوعي العراقي كالتالي " وحمل الاستجواب مفاجئة كبيرة لأعضاء المجلس ورئاسته وللكتل السياسية، أو لمعظمهم على الأقل، عندما وجه الوزير اتهامات مباشرة إلى رئيس المجلس والى عدد من النواب، بالقيام بعمليات ابتزاز وممارسة ضغوط وتقديم إغراءات لتمرير صفقات فساد " وعلى الرغم من الأهمية البالغة للاستجواب ومقاصده فهو رسالة كما أشار الحزب الشيوعي في استعراضه عن بعض الأوضاع وبخاصة عملية الاستجواب نشر بتاريخ الاثنين/ 29/8 / 2016 تحت عنوان " استجواب الوزراء: رقابة على أداء الحكومة أم تسقيط سياسي ؟ " أشار فيها ضمناً لقد "وجهت رسالة واضحة للوزراء وكبار المسؤولين في الدولة، مفادها انه لم يعد يمكن الاستمرار في التمتع بامتيازات فائقة، والتمادي في استخدام السلطات والصلاحيات، وفي إنفاق المال العام خارج الضوابط وبعيداً عن الرقابة وبصورة متعالية على القانون "..

نحن بدورنا لسنا بصدد الدفاع عن خالد العبيدي أو غيره بل من منطلق الحرص على الوضع العسكري والانتصارات على داعش الإرهاب في ظروف خطرة فلذلك يحتاج العراق إلى وحدة الكلمة للتحرير بينما هذا المهرجان الصاخب الذي شارك فيه البعض لكنهم صمتوا صمت الكرام !! عن تسليم الموصل وصلاح الدين ومناطق واسعة من ديالى وكركوك ومحافظة بغداد إلى داعش هدية أثناء حقبة رئاسة نوري المالكي القائد العام للقوات المسلحة، ولا بد من التأكيد حول اتساع الخسائر البشرية الكبيرة منذ هيمنة داعش والخسائر غير الطبيعية المادية بما فيها الأسلحة المختلفة التي تركت بعد هروب القادة وانسحاب قطاعات الجيش والشرطة من مناطقهم .. والسؤال الذي دار في السابق والذي يدور حالياً نطرحه بشفافية على النواب المستجوبين بما فيهم النائبة المستجوبة

ـــ أين كنتم من قضية خسارة 40% من الأراضي العراقية وخسائر بشرية ومادية جسيمة وانتم تدعون الوطنية والحرص على وحدة البلاد لصالح داعش الإرهاب؟

ــــ ومن هو المسؤول الأول وأقطابه الذي لم يحاسب في وقتها ولحد هذه اللحظة حتى انه حينها رفض الحضور للاستجواب وقيل في وقتها للاستلطاف وترضية للخواطر!! بالقول " انه ليس بالاستجواب إنما فقط للإطلاع على الأوضاع " لكنه لم يرفض فحسب بل أوعز إلى جميع من تحت إبطه من رجال حكومته أو قادة عسكريين رفضهم الحضور إلى مجلس النواب..

وفي صدد الأوضاع الأمنية وما حققه الجيش والشرطة الاتحادية والبيشمركة والحشد الشعبي في قسماً من المناطق من انتصارات كان المفروض أن تنعكس على الأوضاع الأمنية لكنها بالعكس فقد توسعت العمليات الإرهابية وتنوعت التفجيرات بالانتحاريين وبسيارات مفخخة وعبوات ناسفة وهجمات مرتدة من قبل داعش على مناطق محررة أو في قلب العاصمة بغداد ولا داعي لذكرها فهي أصبحت معروفة، إضافة إلى السعي لتأجيج الخلافات داخل الإقليم بين القوى الكردية من اجل زعزعة الاستقرار النسبي وتردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية فضلاً عن السعي أيضاً لتوسيع الخلافات بين الحكومة المركزية وحكومة الإقليم وصولاً إلى التصادم العسكري الذي جربه الشعب العراقي في السابق وجرب نتائجه المأساوية التي أصابت جميع الأطراف والمكونات ودفع شعبنا ثمنها من خسائر بشرية ومادية مازلت ماثلة أمامه .

إن قوة الجيش العراقي باعتباره حامي الوطن والمدافع عن حدوده يجب أن لا تضاهيها قوة أخرى مهما ادعى البعض وقدم حججاً بائسة ولهذا نجد أن التصريحات أو التصريح الأخير والإشادة بقوة لقوات عسكرية غير الجيش واعتبارها أقوى من الجيش العراقي أسست أساساً كميليشيات طائفية وغريب جداً لأنه يخلق الشكوك حول هدف هذه القوات والميليشيات المسلحة لكونها تخص مكون واحد " الشيعي !" وهذا يتنافى مع أهداف تكوين جيش وطني مبنى على المواطنة ويمثل جميع مكونات الشعب القومية والاثنية والدينية، أما إذا كان التصريح الأخير على سبيل المثال غير صحيح فنحن لم نقرأ أو نسمع نفيه من قبل المصرح أو رئيس الوزراء وتحالفه ائتلاف دولة القانون أو التحالف الوطني وهذا يعني أمرين

1 ـــ المداهنة ! أو

2 ـــ السكوت علامة الرضى!

وكِلا الأمرين خطرين للغاية على مستقبل العلاقات الوطنية بين مكونات شعبنا العراقي ويهدد باستغلاله من مكون آخر ليقوم بالشيء نفسه بحجة الدفاع عن النفس وعند ذلك ستكون حجة مقنعة للملايين من المكونات الأخرى لأنها ستحس بخطر بمثل هذه التصريحات وما يجري على الواقع في العراق.

  كتب بتأريخ :  الأحد 18-09-2016     عدد القراء :  3135       عدد التعليقات : 0