الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
من ينسى تلك الأيام؟

كنت في الطريق لملاقاة صديق طلب مني ان اوفر له نسخة من كتاب" طوارق الظلام" لمؤلفيْه ابتسام نعيم الرومي و توفيق ناجي الناشئ،تحكي فيه ابتسام عن تجربتها الأليمة، المريرة، في قصر النهاية بعد انقلاب شباط الدموي عام 1963.

كان الطريق الى صاحبي طويلا،قلت اقلب الكتاب.

هاهو الشهيد محمد الجلبي مكوم يبعد بضع خطوات.كان قد القي القبض عليه توا و اقتيد الى القصر، المسلخ ،في هزيع من الليل.كنت اغطي راسي بالبطانية متظاهرا بالنوم.كان محمد يزار: آني مو حزبي! آني مو حزبي! آني مو حزبي!. نودي على أحد " المتعاونين" ساله المحقق: من هذا؟ اجاب:محمد الجلبي. ما اسمه الحزبي؟ زيد. اجاب المتعاون. ماهو مركزه الحزبي؟ رد "المتعاون : عضو مكتب منطقية بغداد. والشهيد يزأر بعد كل مقطع: هذا كذب! هذا كذب! آني مو حزبي! آني مو حزبي! كان المتعاون قد مرّ هو و" رفيق" آخر، قبل ايام، على عيادة الشهيد، عندما خرجا، التفت المتعاون الى صاحبه قائلا: بالله عليك هو هذا يتحمل راشدي!"

اقلب الكتاب.

هوذا الشهيد محمد حسين ابو العيس ينزف على بعد خطوات، في مقطع آخر من السرداب, كان الجلادون يساومونه على جرحه." مو انت مطرود من الحزب؟" فيزأر: آني شيوعي! آني شيوعي!

اقتلعوا اسنانه بالكلابتين امام زوجته سافرة..

مات ينزف...

اقلب الكتاب.

كان ابو ايمان( سلام عادل)الى حانبي، يسقط من قسوة الضرب بالكابلات، فينهضونه. و يتكرر المشهد حتى دخل الغيبوبة و هو يزأر: آني ابو علي! آني ابو علي!

اقلب الكتاب.

كنت متمددا بين فيصل الحجاج و ابراهيم الحكاك. لم يكن فيصل يرفع البطانية عن راسه.لعله لهول ما شهده. كان مسؤوله، هو نفسه الذي شهد على محمد الجلبي، سلمه تسليم يد الى الحرس القومي.

التفتُ الى ابراهيم . كانت قد تكونت بيننا علااقات صداقة عميقة خلال عملنا معا في لجنة مدينة الكاظمية و كان هو مسؤولها.قال ابراهيم: لا اعتقد انهم سيوفروننا. لم احر جوابا. حاولت ان اهون: نغمض عيوننا.هي لحظة! الأمر هين عليك" رد متنهدا" ابني وميض لم يبلغ الشهرين بعد"

ابراهيم الحكاك! فيصل الحجاج! حسين الهورماني! خزعل السعدي! عبد الخالق البياتي!عدنان البراك! التقت عيوننا قبل ان يغيبه الرواق.كان كانه يعلم انه لن يعود.

كان الحارس القومي حازم ناجي يقرا الاسماء فينهضون الواحد تلو الآخر.

اخبرني حازم فيما بعد: حفرنا لهم و دفناهم احياء.

كنت قد انتقلت الى مقهى. كنت اختض. لفت الأمر الرواد بجانبي. اطبقت الكتاب. انتقلت الى كرسي على الرصيف.

كانت اشعة شمس خريفية تحاول ان تخترق حجب الغيوم الكثيفة.كنت اردد في داخلي:

لماذا قدر لي ان اعيش كل ذلك؟ ان اموت كل ذلك؟

الأكون شاهدا على نفسي وعلى غيري ؟

اطلت الشمس، اخيرا، و حضر صاحبي...

هاملتون-كندا

22/10/2016

  كتب بتأريخ :  السبت 22-10-2016     عدد القراء :  3012       عدد التعليقات : 0