الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
الموصل .. لعبة الامم

بعد طول انتظار بادرت القوات المسلحة والبيشمركة والحشد الشعبي و المتطوعون من ابناء المحافظة عملية تحرير نينوى ، وافتتحت قوات البيشمركة المعركة بهجوم سريع اكتسحت فيه عددا من القرى والبلدات التي كانت تحت سيطرة عصابات داعش ، كما انطلقت القوات المسلحة من جنوب الموصل / القيارة ، وسار الحشد الشعبي نحو تلعفر لتطويق الموصل والحاق الهزيمة بالعصابات التي لا سبيل امامها سوى الاستسلام او الهرب نحو سوريا وسيكونون كالمستجـير بالرمضاء من النار ، واظهر التحالف الدولي نشاطا ملحوظا في كثافة استخدام القوة الجوية اضافة الى استخدام الجيش العراقي طائرات السوخوي في هذه المعركة المصيرية .

تاتي هذه التطورات بعد ان استباحت القوى الظلامية محافظة نينوى نحو عامين عانى فيها ابناء المحافظة من شتى انواع الجرائم ، ودفعت القرى والبلدات والطوائف الدينية والمذهبية ثمنا باهظا من حرية ابنائها وبناتها.

كانت محافظة نينوى ، لواء الموصل سابقا، عقدة العلاقات التركية العراقية ، من جهة ، وعقدة الاتفاقيات الدولية التي فرضت على الشرق الاوسط من قبل سايكس و بيكو .

افضت الاتفاقيات الى اعلان الدولة العراقية بحدودها المعروفة حاليا ، والتي قضمت من هنا وهناك فيما بعد بسبب الطغمة الصدامية التي تعاملت مع دول الجوار بعنجهية وخاضت حروبا كارثية مع الجارتين ايران والكويت .

إن ابرز حدث كشف الطبيعة الاجتماعية والسياسية في الموصل هو تمرد عام 1959 بعد ثورة الرابع عشر من تموز 58 المجيدة ، اذ طفت على السطح قوى رجعية مرتبطة بالدول الاقليمية حصلت على المساعدة المالية والعسكرية من اجل التمرد المسلح وضرب الثورة في الصميم من اجل اضعافها والقضاء عليها .

قادت ذلك التمرد قوى اتخذت من القومية والدين والوحدة العربية غطاء لتحركها ، ولم يكن ذلك سوى غطاء للعمل لاجهاض التحول الثوري التقدمي الذي حدث في العراق عام 1958 .

اضطر الجيش العراقي الى التدخل عسكريا وقضى على التمرد ما تسبب في اعدام مجموعة من الضباط الذين شاركوا بهذا التمرد ، كما شاركت الجماهير بحماس في القضاء على التمرد ، حتى ان قطارا سار من العاصمة بغداد باتجاه الموصل سمي قطار السلام ليعضد القوى المناهضة للتمرد ويساند القوى التقدمية في صراعها الفتي مع القوى الرجعية .

في خضم تلك الاحداث كانت سوريا اول الدول المساندة للتمرد ، عاونتها مصر جمال عبد الناصر ، بارسال الاسلحة والاموال الى المتمردين الذين لم يفلحوا بتمردهم العسكري والسياسي ، ولكنهم ادخلوا الموصل في صراع مسلح دموي دفع ابناء الموصل بسببه الثمن باهضا . حتى ان اسرا عديدة اضطرت تحت ضغط القوى الرجعية الى ترك الموصل والهجرة الى بغداد للنجاة من الاغتيال والقتل على الهوية أو بسبب الانتماء السياسي .

هؤلاء الذين ساندوا ودعموا الرجعية في الموصل يقطفون اليوم ثمار زرعهم ويجنون حصادهم ، فالذي يزرع الريح يحصد العواصف ، فهاهم نتاج الرجعية العربية يتوجهون الى سوريا لينفذوا ما لا يستطيعون تنفيذه في العراق .

تمثل الموصل اكبر عقدة لتشابك المصالح الاقليمية التي تلقي بظلالها على الاحداث في العراق ، لذلك تجري معركة واسعة على حدود محافظة نينوى من اجل دخول مركز المحافظة ، مدينة الموصل وتحريرها من وحوش الدولة الاسلامية - داعش - الذي اطبق على المدينة بسهولة يحسد عليها منذ عامين ، وما زال يتمسك بها بنواجذه واظفاره ، وسيدفع الثمن ابناء الموصل والعراقيين مجددا للخلاص من هذا الوباء .

على هامش معركة الموصل تنشب معارك صغيرة اخرى من اجل تشتيت الجهود العسكرية التي تضغط على العصابات المسلحة في الموصل ، اولها معركة كركوك التي حدثت بواسطة اختراق امني ادى الى سقوط العديد من القتلى والجرحى، واخرها الهجوم على الرمادي و الرطبة . وستبقى مثل هذه الاختراقات تضرب هنا وهناك ، لذلك يجب اخذ الحيطة والحذر وتجهيز القوى الامنية المحلية بالامكانات المساعدة على التصدي للارهابيين .

ومن اجل تحقيق الانتصار المنشود في محافظة نينوى ، لا مفر من التمسك بالخيار الوطني والقرار الموحد لجميع فصائل الجيش والبيشمركة والحشد الشعبي والمتطوعين من ابناء المحافظة والعمل كفريق واحد لا يسمح لاية جهة اقليمية او دولية بالتدخل لفرض اجندات تخدم مشاريع مشبوهة تساهم في دعم العصابات المسلحة التي عاثت فسادا في المحافظة و عدم السماح بسرقة النصر الذي باتت تلوح بشائره في سماء مدينة ام الربيعين .

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 25-10-2016     عدد القراء :  3072       عدد التعليقات : 0