الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
العركـ والهدهد

خبر تصويت البرلمان على تحريم المشروبات الروحية، نزل نزول الصاعقة على «بهلول»، لأنه عريق عتيق في علاقته مع المشروب. فقد لجأ إليه حين انتشرت الهوسة الشعبية الشهيرة (الما يشرب عرگ ما عنده شخصية) فأراد أن تكون له شخصية، وما زال يشرب يوميا على أمل أن يحظى بشخصية تليق به. والآن مع هذا القرار الغريب شعر «بهلول» بأن المستهدف هو شخصيته التي يريد أن يبنيها. لذا رأيته منهارا من الخبر وليس من الشرب وسكرته. ولكم أفرحني وآلمني معا ان أستمع اليه وهو يونّ ويغني على نغمة (يا صياد السمچ):

يا امهربين العَرگ.. رايد ربعية

ذوله اشكثر ظلّام.. منعوه عليه

قلتُ له وأنا أحاول مداراة وضعه الصعب:

- أبا البهاليل، لا تدير بال، ما عليك الا أن تحتج وترفع صوتك عالي على البرلمان حتى تاخذ حقّك وحقّ الشّرابة كلهم.

أجابني محتدا:

- عمي أبو حيدر، انته حكمك هذا نفس حكم نبي الله سليمان، لكن آني أريد حكم الهدهد..

ولما رآني مستفهما بادر بسرد قصة النبي سليمان والهدهد، وقال:

ﺟﺎﺀ الهدهد ﺇﻟﻰ ﺑﺮﻛﺔ ﻟﻴﺸﺮﺏ ﺍﻟﻤﺎﺀ، ﻟﻜﻨﻪ ﻭﺟﺪ ﺃﻃﻔﺎﻻ ﺑﺎﻟﻘﺮﺏ ﻣنها، فانتظر ﺣﺘﻰ ﻏﺎﺩﺭوا ﻭﺍﺑﺘﻌﺪﻭﺍ ﻋﻦ ﺍﻟﺒﺮﻛﺔ.

ﻭلكن صادف ان ﺟﺎﺀ ﺭﺟﻞ ﺫﻭ ﻟﺤﻴﺔ مهيب ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﺮﻛﺔ، ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟهدهد ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻪ: ﻫﺬﺍ ﺭﺟﻞ ﻭﻗﻮﺭ ﻭﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺆﺫيني، ﻓﻨﺰﻝ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﺮﻛﺔ ﻟﻴﺸﺮﺏ ﺍﻟﻤﺎﺀ.

فاذا بالرﺟﻞ الملتحي الوقور يرمي ﺑﺤﺠﺮ على الهدهد ويفقأ عينه. ذهب الهدهد ﺇﻟﻰ ﻧﺒﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﺷﺎﻛﻴﺎً باكيا، فاﺳﺘﺪﻋﻰ النبي ذاك ﺍﻟﺮﺟﻞ وقال له:

- هل لك ﺣﺎﺟﺔ عند ﺍﻟهدهد حتى ترميه بالحجر.

أجاب: لا..

ﻓﺄﺻﺪﺭ ﺍﻟﻨﺒﻲ الكريم ﺣﻜﻤﻪ بأن تُفقأ ﻋﻴﻦ ﺍﻟﺮﺟﻞ، ﻟﻜﻦ ﺍﻟهدهد ﺍﻋﺘﺮﺽ محتجا ﻭﻗﺎﻝ:

- يا نبي الله، ﺇﻥ ﻋﻴﻦ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻟﻢ ﺗﺆﺫﻧﻲ ﺑﻞ لحيته ﺍﻟﺘﻲ ﺧﺪﻋﺘﻨﻲ، ﻟﺬﺍ ﺃﻃﺎﻟﺐ ﺑـ (زيان) ﻟﺤﻴﺘﻪ ﻋﻘﻮﺑﺔ له وﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﺨﺪﻉ ﺑﻬﺎ أحدا ﻏﻴﺮﻱ.

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 26-10-2016     عدد القراء :  2475       عدد التعليقات : 0