الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
ولم الصمت تجاه فرض منطقة آمنه في سهل نينوى

في ندوة نظمها تجمع اليسار المجري إستمعت الى مداخلة أحد اﻷخوة العرب ، حيث أنكر بمداخلته تواجد قوميات للكيانات العرقية المسيحية( الكلدان و السريان واﻵشوريين ) في العراق وسوريا وبعض البلدان اﻷخرى كون مرجعيتهم القومية هي القومية العربية فحسب ، مما اثار حفيظتي وتداخلت متسائلا اين أضحى ورثة حضارة ما بين النهرين من الكلدان والآشوريين والسريان في بابل ونينوى وأور ، مضيفا إليهم الصائبة المندائية واﻷيزيدية ، مسهبا في مداخلتي من أنه حتى كنائسهم وأماكن عباداتهم المنتشرة في جميع أنحاء العراق ﻵ زالت تحمل إسم قومياتهم ، وقد إستغرب البعض من المستمعين تواجد هكذا عدد من أقوام غير مسلمة ، لها لغتها وعاداتها وتقاليدها في العراق.

وجدت من المناسب تلخيص مداخلتي بعد قيام جهات مجهولة بحرق وتدمير المنازل التي لم يدمرها التنظيم اﻹرهابي أثناء إحتلاله للمدن التي يسيطر عليها حاليا الجيش العراقي والحشد الشعبي ، بعد تحريرها ، وذلك لعرقلة عودة المسحيين الى بلداتهم ، كما جاء به بيان المرصد اﻵشوري مضيفا الى أنه أخذت تطفو على السطح مخططات سابقة ترمي إحداث تغيير ديمغرافي في المنطقة التي يشكل فيها المسيحيون نسبة كبيرة . آملا أن تحظى بإهتمام المعنيين ويشاطروني الدعوة ﻹقامة منطقة آمنة ( محافظة ) لهم في سهل نينوى ، سيما وإن الوسط والجنوب يكاد يُخلى من المسيحيين والصابئة المندائيين ، كحق طبيعي لهذه الديانات والقوميات قبل فوات الآوان ، بلجوء ممثلي المكونات العرقية (الكلدان والسريان واﻵشوريين) إلى المؤسسات الدولية صاحبة اﻹختصاص كهيئة اﻷمم المتحدة واﻹتحاد اﻷوروبي ومنظمات حقوق اﻹنسان ، على أن تكون هذه المنطقة اﻵمنة خاضعة ﻹشراف اﻷمم المتحدة ، وبإشراك جميع مكونات السهل. بذلك تضمن الحيلولة دون التشاحن الطائفي ، الذي إنسحب حقده الموروث ليشمل حتى من إستطاع أن يجمع بين أخلاقه الدينية ومبادئه أﻷنسانية التي يعكسيها في حياته اليومية وعلاقاته أﻷجتماعية ، معمدها بالتزاماته الوطنية . ومع هذا وضع معتنقي الديانة غير المسلمة و بشكل مبرمج ومتواصل أمام إختيار التصفية الجسدية أو الرحيل من أرض أﻷجداد الى المجهول، ولم يكن أمامهم خيار سوى اللجوء الى النواحي والقصبات التي يسكنها إخوتهم في سهل نينوى كالقوش وعينكاوة وبرطلة وكرمنلش وغيرها من المناطق المسيحية ، أو الهجرة الى عالم آخر يبعده عن أرض أجداده ، وبقايا حضارتهم التي يتغنى بها من لم يكن مستوعبها ولا يملك أحقية وراثتها ، ومن ﻻ يملك مؤهلات صيانتها والحفاظ على ديمومتها باعتبارها مفخرة حضارية للبشرية جمعاء .

لقد كان عدم الردع والحزم في إيقاف مسلسل أستهداف المسيحيين والصابئة المندائيين وراء إخلاء الوسط والجنوب و حتى تكاد بغداد تُخلى منهم ، في أجواء صمت من يدعون المحافظة على امن المواطنين . ومع أكتضاض مدن سهل نينوى المسيحية ، أصبحت الحاجة ملحة لتهيأة مستلزمات حقيقية من شانها إلزام المعنيين بتكوين منطقة آمنة ، أو محافظة في السهل تتيح لسكان العراق الاصليين من الشعب الكلداني أﻷشوري السرياني . في ظلها يستطيعوا أن ينظموا شؤونهم بنفسهم بحرية ويتمتعوا كبقية شعوب العراق بممارسة شعائرهم الدينية ، ويديروا حياتهم أﻷجتماعية بدون منغصات من أحد وأن يوضع حد لمشاريع التشوية الديمغرافي ، من خلال المخططات التي كانت تهدف الى تخصيص أراضي سكنية في القوش وبغديدا وكرمنلش لمنتسبي وزارة البلديات في محافظة نينوى ، مرورا بتخصيص قطعة أرض سكنية في القوش وتلكيف ، وإصرار الوقف الشيعي في نينوى بناء ٥٢ مسجد ومدرسة في مدينة برطلة التي كانت قبل عشرين عاما خلت مسيحية خالصة واضعين فيها ما يشبه مسمار جحا.

فالشعب الكلداني السرياني ألآشوري يعاني مظلومية لا تتماهى وأستحقاقهم النضالي الوطني ، ويثير حفيظتهم ما يفرض عليهم . فالقوش الباسلة التي استعصت حتى على الدكتاتور صدام ، والتي قال عنها الرحالة البغدادي ( عام١٨٨٢ أنها مسيحية كلدانية فيها ٢٠٠٠ بيت ، كما تحدث عن تلكيف وبطنايا واصفا إياهما مدينتين مسيحيتين . أكدت أكثر من مرة من أنها ستبقى عصية على كل من يحاول أﻷخذ من مقوماتها القومية الكلدانية السريانية اﻵشورية.

بعد تحرير سهل نينوى من براثن داعش وعودة البعض من المهجرين حاليا الى مدنهم تبقى اﻷفكار المطروحة ، تصب في بودقة الممارسة الطبيعية للتعبير عن المخاوف المستقبلية لما يسببه التشويه الديمغرافي من تبعيات تصاعد النعرات والتشدد الديني الذي جيىء به بعد اﻷحتلال ، فعدم اعارة الحزم والتصدي لمخططات القوى التي تناهض طموحات مكونات شعبنا العراقي كافة ، لن يأخذ من قوة إندفاع وتواصل مسيرة قطار التغيير الذي وقفت وراءه التظاهرات الشعبية في مدن العراق ، وهي تطالب بالقضاء على الفساد ومحاسبة القائمين عليه من متبني نهج المحاصصة الطائفية واﻹثنية الذين لن ينفكوا من محاولة صعوده ، بغية عرقلة مسيرته الهادفة للقضاء على الفقر والبطالة وتوفير شروط العدالة اﻹجتماعية ، التي تعمق روح التآخي وتعزز ممارسة حقوق المواطنة لمكونات مجتمعنا العراقي كافة وتنميتها بما يؤمن عراق ديمقراطي مدني فدرالي موحد.

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 14-12-2016     عدد القراء :  3288       عدد التعليقات : 0