الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
جرائم بشعة ترتكب بالعراق والأحزاب الحاكمة سادرة في غيّها!

   عند البحث في الدولة، أي دولة، يفترض أن نتحرى إن أوضاع شعبها، ودستورها، وسلطاتها الثلاث، ونظامها السياسي والاجتماعي وأوضاعها المجتمع الاقتصادية والثقافية والبيئية، ونوعية حكامها ومؤسساتها الدستورية وإعلامها وصحافتها. وحين يبدأ البحث بأوضاع الدولة العراقية الراهنة، فينطبق عليها بدقة كبيرة قول الشاعر معروف الرصافي:

   علـم ودستور ومجلس أمة ...................... كل عن المعـنى الصحيح مُحرّفُ

   أسماءُ ليس لنا سوى ألفاظُها ...................... أمّـا معانيهـا فليست تُعرفُ

   من يقرأ الدستـورَ يعلم أنه ....................... وفقـاً لصكّ الاحتلال مصنّفُ

   ومعذرة للرصافي الكبير، إذ استبدل كلمة الاحتلال بالطائفية، فيصبح البيت الشعري على النحو التالي:

   من يقرأ الدستور يعلم أنه................................... وفقاً لصك الطائفة مصنَّف

   مع واقع وجود أشكال من القوى والدول المجاورة المحتلة للعراق بصيغ وأدوات وأساليب جديدة.

   ويضاف إلى ذلك ما قاله الشاعر الكبير معروف الرصافي أيضاً

   يا قوم لا تتكلموا إن الكلام محرم

   ومن لا يصدق هذه الحقيقة الراهنة ليتذكر الإنسان الرائع كامل عبد الله شياع، وهادي المهدي، ومئات غيرهم، الذين أرسلتهم المليشيات الطائفية المسلحة والعاملة في أجهزة الدولة منذ مجيء الجعفري لرئاسة الوزراء إلى القبر، إضافة إلى ما حصل أخيراً مع السيدة الفاضلة والصحفية أفراح شوقي، التي أنهكها الاختطاف المليشياوي-الحكومي، وأبكاها بمرارة قولها بأن "المعاملة كانت زينة!!!"، تماماً كما كان يُطلب من ضحايا صدام حسين أن لا يتحدثوا بما حصل لهم وإلا فالويل لهم. إنهم يريدون فرض البيت الشعري الثاني للرصافي:

   ناموا ولا تستيقظوا ما فاز إلا النوم

   وباختصار شديد، أن الحكومة الطائفية الحالية، التي تقودها أحزاب الإسلام السياسي، مصابة بمرض الجذام الطائفي، وما ينجم عنه من فقدان الحس بأوجاع ومصائب الشعب اليومية، إضافة إلى إصابتها بمرض السرطان الخبيث الذي لا يمكن الشفاء منه، لأنه وصل إلى مراحله الأخيرة التي لا بد أن تقود إلى الوفاة العاجلة أو الآجلة.

   لن يتوقف الموت والدمار بالعراق ما لم يتخلص من أردان وجراثيم الطائفية اللعينة التي حطت بثقلها على صدور العراقيين والعراقيات وخنقت أنفاسهم ومرغت كرامتهم بالتراب، وأدت إلى موت مئات الآلاف من أبناء وبنات هذا الشعب المستباح بالطائفية وبشتى صور الاحتلال الأجنبي من الدول المجاورة وقوى الإرهاب المحلي والدولي.

   يعتقد البعض بإن العمليات الإجرامية الأخيرة التي أودت بحياة العشرات والمئات من الجرحى والمعوقين جاءت مفاجأة للدولة والحكومة ومجلس النواب والقضاء، وهم مخطئون بهذا التقدير. فالسبب يعرفه القاصي والداني، السبب يكمن في النظام السياسي الطائفي القائم، في الحكومة الطائفية ومحاصصاتها المذلة، في التمييز القومي والديني والمذهبي، في وجود المليشيات الطائفية المسلحة، في استمرار وجود من مارس الإرهاب الحكومي والفساد المالي والإداري والإفساد، وما زال في السلطة وفي أعلى مراكز الدولة العراقية الهشة والبائسة.

   على من يحترم نفسه من الكتاب والصحفيين وعموم الإعلاميين، أن يدرك بوضوح بأن محاولة إبعاد أو صرف أنظار الشعب عن السبب الأساس في ما جرى ويجري بالعراق منذ إسقاط الدكتاتورية البعثية الغاشمة وسلطة الدكتاتور الأهوج والسادي النزعة صدام حسين، مؤذية للشعب ومضرة بمصالحة وتساهم في إدامة الأوضاع السيئة والجرائم البشعة التي ترتكب بحقه والتي يعيش تحت وطأتها الشعب العراقي. إن الإرهابيين الذين يقتلون أبناء وبنات الشعب يومياً مأجورون، جاءوا خصيصاً لإنجاز هذه المهمة مقابل إيمان مشوه ومزيف، أو مقابل نقود قذرة مدفوعة سلفاً، ولكن الشعب يدفع من أمواله الشيء الكثير جداً للحكومة وأجهزة الأمن والشرطة والقضاء ليتصدوا لهذه الجرائم البشعة، ولكنهم، وبسبب طبيعتهم الطائفية السياسية، عاجزون عن إنجاز هذه المهمة، لأن النظام السياسي ذاته "مهور!" من داخله، ولا يمكنه التصدي لمثل هذه الجرائم البشعة واليومية التي تحصل ببغداد وبمدن عراقية أخرى، ولا يمكن إصلاحه بذات القوى التي تقوده اليوم، لأنها ملوثة بجراثيم الطائفية السياسية التي تتسبب بكل ذلك!!

   ليس أمام الشعب العراقي غير حل واحد ووحيد، إنه التغيير الجذري الشامل، تغيير النظام الطائفي المحاصصي، بنظام مدني ديمقراطي اتحادي وعلماني يستند إلى دستور ديمقراطي وحياة مدنية وديمقراطية. وإلى أن يقتنع الشعب وقواه الوطنية والديمقراطية والشريفة بضرورة التغيير ويتحمل مسؤولية ذلك، سيبقى الشعب يعاني الكثير من الآلام والكوارث والموت والتعويق والبؤس بسبب وجود هذا النظام!

  كتب بتأريخ :  السبت 07-01-2017     عدد القراء :  2877       عدد التعليقات : 0