الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
الفعل ورد الفعل في العمل السياسي

الفعل السياسي هو سلوك أو طريقة عمل يتخذها شخص واحد أو حزب أو حتى كتلة تأتلف فيها عدة أحزاب ، وأي سلوك لا يأتي من فراغ، بل هو إنعكاس لجملة عوامل منها الخلفية الفكرية والتجربة العملية وقوة الفاعل والعوامل الموضوعية التي تؤدي الى هذا الفعل أو عكسه ، وغالبا ماتكون القوى السياسية الاقوى هي التي تبدأ بالفعل حيث تستطيع أن تقدر وقت حدوثه وطريقة إيصاله للاخرين ـ الشعب ككل أو المعارضة فقط ـ وحساب ردود الافعال وكيفية المواجهة وصولا الى تطبيق ماتريده،

وفي الانظمة الديمقراطية تضع القوى صاحبة الفعل مدىً أو سقفا أكبر من المطلوب واقعيا كي تسمح لها مساحة التجربة في المناورة وتحقيق أقصى حد ممكن من مبررات الفعل نفسه، اما في الانظمة الشمولية فإن حسابات التراجع تكون عادة ضئيلة إن كان الفعل صادر من السلطة الحاكمة، وذلك  لما تتمتع به من وسائل قمع وإرغام الاخر على قبول ماتريده من الغايات وراء الفعل المعني، وهنا في هذه الحالة فإن قوى المعارضة والتي تكون عادة مضطَهَدة فإنها قد تعطي لرد فعلها مظهرا أكبر من الحقيقة، كأن يعلو صراخها في الخارج، كي تكسب رأيا دوليا مناصرا أو في الاقل عملية فضح لنظام قمعي قد يؤثر ذلك فيه مستقبلا على صعيد تخفيض التعاون الدولي معه أو التعامل معه كنظام غير موثوق في وعوده ومواثيقه،

وعدا هذا فليس من تأثير ذي أهمية قد يؤديه الرأي العام الدولي الضاغط إزاء نظام شمولي قمعي حيث رد الفعل من قبل المعارضة وليس الفعل نفسه. يختلف في العمل السياسي الفعل ورده عنه في الفيزياء فلا يشترط المساواة في الحجم أو التأثير كما يمكن ألا يكونا بإتجاهين متعاكسين، لكن الملاحظة الاهم هي إن القوى التي تمتلك في لحظة ما المبادرة بالفعل عادة ما تكون في وضع يسمح لها لمفاجأة القوى المضادة مع إمكانية شل أو تقليل تأثير ردود الافعال في نتائج ما تنوي السلطات ذات الفعل من عمله.

في علم النفس تشير الدراسات الى إن رد الفعل ينطلق عادة من العقل الباطن وقد يكون عفوي او غير مدروس بالكامل وربما يكون مؤثر بشكل عاطفي أكثر من تأثيره العقلاني، في هذا الاطار قد يكون العقل الباطن لقادة سياسيين مؤثرا في طريقة التعبير بعملية رد الفعل إلا إن العمل السياسي الناضح لا يحتمل مثل هذه الردود النفسية ـ رغم أهميتها ـ فردود الافعال يفترض أن تنطلق أيضا من حسابات المصالح الفئوية أو الطبقية أولا ومن ثم حسابات القوة سواء لقوى الفعل او قوى المعارضة، لكن أن تبقى قوى المعارضة معتمدة في نشاطها وتحركاتها السياسية على عملية رد الفعل فقط فتلك من الاخطاء الكبرى التي تؤدي الى تراجع في الاداء، فالبرنامج والفكر الذي تتبناه قوى رد الفعل يجب أن يلعبا الدور الحاسم أولا ومن تأتي حسابات القوة وطرائق أيصال الرأي والموقف للجماهير المساندة أو حتى تلك غير المنحازة أو ما أصطلح على تسميتها بالمعارضة الصامتة ، إلا إن قوى المعارضة عليها لو أرادت التغيير الحقيقي أن تنتقل من قوى رد فعل الى قوى فعل تجبر السلطات على التراجع وتغيير ستراتيجياتها بما يساعد قوى المعارضة من إضعافها وبالتالي مسك زمام المبادرة وهذا يعني إنها ستتمكن من فرض برنامجها وتنحية برنامج السلطات وبالتالي تغيير موازين القوى بما يجعلها أن تكون هي قوى السلطة وهي صاحبة اليد في الفعل وليس رد الفعل.لكن الخطأ الاكبر أن تعتمد قوى المعارضة رد الفعل في العمل السياسي والذي يعطي الفرصة لقوى السلطة من توجيه الدفة ومن أكبر أخطاء المعارضة أن تعلن تبنيها طريقة رد الفعل في معارضة السلطة.

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 10-01-2017     عدد القراء :  3519       عدد التعليقات : 0