الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
داعش بعد العراق وسوريا.. إلى أين؟

التقارير تؤكد أن داعش تلفظ أنفاسها الأخيرة فى الموصل ببغداد، وفى حلب بسوريا. لكن خطر الإرهاب ما زال قائماً، حتى لو أحرقوا جثثهم وتركوا رمادها تذروه الرياح، أو تنهشه جوارح الطير، لأن الخطر كامن فى فكرة راسخة رسوخ الجبال فى قيام الدولة الإسلامية حتى على جماجم العباد، وقائمة منذ مئات السنين، خالدة فى أدبيات وطقوس مزورى التاريخ والتراث، ينشدها كذباً الحكاءون عن بطولات الأجداد، وحملة مباخر الخير الوفير للحكام والأمراء والخلفاء، والمتطرفون والمدلسون والمكفرون لعباد الله من الوهابيين، سواء مات الدواعش جميعهم أو أبقوا عليهم أحياء، لا فرق أن تنفذها الدواعش أو القاعدة أو الإخوان أو السلفيون فكل منهم طرف أصيل فى العقد وفى المسئولية مجتمعين أو منفردين، فليس تحقيق الحلم مرهوناً بخروج جيش الدواعش من العراق أو من سوريا، الثمرة يانعة يافعة قطوفها دانية، يكفى أن تخرج بعض قياداته لقطف ثمارها فى أى بقعة عربية، ينتظرهم أشبالهم على أبواب المدارس وأبواب المساجد.. لكن إلى أين محطة الدواعش المقبلة؟

قبل الإجابة عن هذا السؤال، نجيب كيف ستخرج قيادات داعش من الموصل وحلب. والإجابة: قيادات الصف الأول قد خرجت قبل معركة حلب والموصل الأخيرتين تحت غطاء جوى إلى الشمال. وقيادات الصف الثانى خرجت من حلب تحت دعاوى الخروج الآمن للمقاتلين فى حماية تركيا. والأخيرة يتم إخلاؤهم من سوريا عبر الأردن. أما بقاياهم من المرتزقة فسيتركون لمصيرهم الحتمى فلم يعد لهم نفع أو فائدة.. لكن ما المحطة المقبلة للدواعش؟

القراءات تقول إن وجهة قيادات داعش المقبلة إلى اليمن الذى لم يعد سعيداً!!

والسؤال المهم: لماذا يبدأون الجولة الثانية من اليمن؟

(ليس فى نية التنظيم الاتجاه إلى الغرب، بعد فشلهم فى مصر وليبيا)

أولاً: حالة الفراغ الأمنى، والفوضى العارمة التى تضرب البلاد، والتى شغلت كل الأجهزة عن مراقبة الحدود البرية والبحرية، وهى فرصة ليتسلل قيادات التنظيم وأعضاؤه إلى البلاد بسهولة ويسر دون رقيب، ولن يعلن التنظيم عن نفسه صراحة إلا إذا اكتملت صفوفه، ولحقت بقياداته الأعداد الكافية، واستقرت أوضاعه المالية والمعيشية، واستعد بأسلحته وعتاده، ولن يتأتى هذا الترتيب بحرية إلا فى بلد تضرب فيه الفوضى بيديها كاليمن.

ثانياً: الطبيعة الجغرافية لليمن وتضاريسها الصعبة، وسلسلة جبالها الشاهقة، ووعورة الطرق وصعوبة التنقل بينها، والتى حالت دون احتلالها على مر التاريخ، وكانت سبباً فى فشل مهمة الجيش المصرى فى الستينات، وهى نفسها الصعوبة التى تواجهها جيوش التحالف الآن، هذه التضاريس تساعد على حرب العصابات فقط، وهم مؤهلون ومدربون عليها، وعلى الحركة المفاجئة فى الضرب، والمناورة السريعة فى الاختفاء.

ثالثاً: يكابد الشعب اليمنى مشقة حرب فرضت عليه، ويعانى الناس من الفقر وندرة المواد الغذائية، وانتشار الأمراض والأوبئة نتيجة نقص الأدوية والخدمات الطبية، ويواجه الشعب انفلاتاً أمنياً بطول البلاد وعرضها، وانتشار أعمال السطو والنهب والفوضى، إضافة إلى الحقد والغل الذى يحمله الشباب للأنظمة العربية التى ظن أنها جاءت تساعده وتعينه فى محنته، اكتشف أنها سبب محنته ودماره وتخريب بلاده، وأصبح يتوق إلى العهد البائد خلاصاً مما يعانيه، هذا الشعب يمكن استقطاب أعداد هائلة من شبابه للحرب فى صفوف التنظيم، إذا ما ضمن لقمة عيشه، ويا حبذا لو كان سلاحه موجهاً إلى أنظمة يريد الانتقام منها.

رابعاً: يسيطر اليمن فى الجنوب على أهم ممر ملاحى فى المنطقة العربية وهو باب المندب، بوابة مصر والسعودية التجارية إلى العالم، واستغلاله منفذاً رئيسياً لها على العالم فى التمويل والتسليح والمدد من المقاتلين من الدول المساعدة بسهولة ويسر.

خامساً: الحرب الطائفية الدائرة الآن فى اليمن بين الشيعة والسنة، هى أكبر محفز ومشجع لقبولهم وضمهم إلى صفوف أهل السنة فى مواجهة الشيعة، خصوصاً أن لهم قاعدة يمكن النزول عليها، وهذا يساعدهم على استقطاب الآلاف من الشباب السنى المشحون بطبيعته ضد الشيعة.

والسؤال: هل هذا فى مصلحة السعودية؟

يمكن القول إن الفائدة محدودة فى المدى القصير جداً، لكن سرعان ما توجه داعش سلاحها ناحية الهدف الأكبر وهو السعودية، وذلك بعد استقرار أوضاعهم القتالية والمالية واستقطاب الشباب من دول السنة لحرب الشيعة وأولهم السعودية ذاتها، إضافة إلى فتح ثغرات من بعض الشباب الخارج عن النظام والرافض له داخل البلاد بعد أن تتم تهيئة الكثير منهم للعمل والمساعدة، وتكرار هذا المنهج مع كل الدول المحيطة.

الإخوة فى السعودية مصرون على استمرار الحرب على أرض اليمن، وسط معاناة شعبه وفقره وحاجته تحت غطاء الشرعية الملعونة حتى أصبحت أبواب اليمن مفتوحة للدواعش على مصاريعها. الإخوة فى السعودية مستمرون فى شق الصف مع مصر حليفها الرئيسى وضلفتها الغربية فى البحر الأحمر والجنوبية عند باب المندب، والمؤهل الرئيسى فى المنطقة لمواجهة الإرهاب عبر بوابة سيناء والبحر الأحمر، لأسباب فرعية قائمة من عشرات السنين، ويمكن تأجيلها لمواجهة الخطر الأكبر دون عناد أو مكابرة. إخواننا فى السعودية يدفعون الشباب المهووس دفعاً إلى الحرب المقدسة ضد الشيعة، وهم وقودها ضدهم يوماً ما (وعليهم مراجعة ملف العائدين من أفغانستان). إخواننا فى السعودية يفتحون الطريق أمام الدواعش إلى اليمن بتهيئته وتمهيده لوصولهم، وكأن الدولة فى وادٍ والمصير المرتقب فى وادٍ آخر.. هذا ملف خطير يا إخوتى يحتاج إلى فطنة الشيوخ والعقلاء وليس اندفاع الشباب وتهورهم.

adelnoman52@yahoo.com

  كتب بتأريخ :  الخميس 12-01-2017     عدد القراء :  3081       عدد التعليقات : 0