الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
الفن وإذابة الجليد!

عندما غنت مجموعة من المطربين العرب للعراق ابتهج العراقيون بمنجزهم الفني هذا واعتبروه جزءا من وفاء للأخوة الحقيقية التي تربط شعوب المنطقة .. وما زال الناس يتذكرون اغنية فيروز الرائعة التي تتغنى ببغداد «بغداد والشعراء والصور» رغم مرور ما يقرب من أربعة عقود على أدائها للمرة الأولى في بغداد . الأغاني التي تتغنى بحرية الشعوب وكرامتها ستبقى خالدة مهما طال الزمن.

وقد أثارت مؤخرا اغنية المطرب الإماراتي حسين الجسمي، التي كتب كلماتها الشاعر العراقي المغترب كاظم السعدي «كلنا العراق»، إعجاب كل العرب وأصبحت اليوم اشبه بنشيد وطني يردده الصغار والكبار .

والمسيرة الفنية للفنان حسين الجسمي تشير الى انه ولد في 25 آب 1979، وشارك مع أخوانه في تأسيس فرقة موسيقية (فرقة الخليج) حيث كانوا يحيون مناسبات الأفراح بالمنطقة الشرقية لدولة الإمارات وقد كانت ضمن الفرق المحلية المشهورة. اشتهر اخوه فهد في عالم التلحين وبات من أشهر ملحني الإمارات. وبدأ حسين مشواره الفني في عمر السابعة عشرة في برنامج البحث عن المواهب ضمن مهرجان دبي للتسوق، حيث فاز بجدارة بالمركز الأول عن فئة الهواة. وبعد ما ذاعت شهرته بين الشباب والشابات تعاونت معه شركة روتانا للصوتيات والمرئيات. واليوم يعتبر واحدا من المهمين في عالم الغناء العربي، وكان من المفترض أن يحضر الى العراق في آخر مهرجان لمؤسسة « عيون « الخاص بتكريم مجموعة من الفنانين العراقيين والعرب.

ترى كيف ينظر الجسمي الى هذه التجربة؟! كان جوابه على سؤالنا واضحا من خلال تصريحه التالي: «رؤيتي هي التي ترجمتها عبر هذا العمل بهدف رؤية الابتسامة والسعادة على وجوه كل أهلنا في العراق وخارجه، وشاركني بها كل أخواتي وإخواني في الوطن العربي بمحبة صادقة وعفوية، وإنها تحيتي الخاصة التي أطلقتها من كل مكان في وطننا العربي الذي أعتز بانتمائي وولائي له».

هذا جواب واضح يؤكد الرسالة الإنسانية للفنان المؤثر في الوسط الاجتماعي اولا ودوره الخلاق بالتقريب بين الشعوب واذابة آخر قطعة جليد يمكن أن تساهم بتسميم الأجواء بينهم .. دور الفنان « العضوي « كما يسميه غرامشي أهم بكثير من الاعيب السياسيين الذين لم يتقدموا بخطوات حقيقية للتقريب بين شعوبهم بسبب مساحة المصالح الشخصية الضيقة التي يتحركون بها.

كم أتمنى أن أرى في بغداد ردود فعل ايجابية إزاء الفنان العراقي الذي سيغني لبلد عربي آخر ويحتفي به لا ان نرجمه بشتى النعوت الطائفية او التكفيرية! ونعيد التذكير هنا بالجهود الطيبة للرحابنة والفنانة الكبيرة فيروز التي غنت لكل العواصم العربية، لكنها لم تغن لملك او رئيس أو أمير أو حاكم ..

الفن يقرب بين الشعوب وعلى السياسي ان يحذو حذو فيروز والجسمي، لان تقارب الشعوب فوق اي اعتبار.

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 01-02-2017     عدد القراء :  3117       عدد التعليقات : 0