الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
ترامب.. وتقصيرنا

يسأل صحافي أميركي الرئيس الاميركي دونالد ترامب (أثناء الحملة الانتخابية) عن إمكانية تنفيذ دعوته الى احتلال أبار النفط العراقية وما يشكله ذلك من انتهاك لسيادة العراق، فيرد ترامب متسائلا باستهزاء: أية سيادة؟ يضحك، ويضحك معه الحضور.

عدد من المقربين منه تحدث مؤخراً لمحطات أميركية بأسلوب استهزائي عن الحكومة العراقية واصفين إياها بـ "التابعة لإيران».

وقبل أيام صدر أمر تنفيذي عن ترامب يقضي بمنع رعايا سبع دول، بينها العراق من دخول الولايات المتحدة لاعتبارها دولا مصدرة للإرهاب، في مفارقة مضحكة. يذكر تفجير مراكز التجارة العالمي في نيويورك ثلاث مرات ويتعهد بمنع تكرار مثل هذه الجرائم لكنه يفرض الحظر على دول هي ضحايا هذا الإرهاب كما الولايات المتحدة، فيما يتصل بزعماء الدول الرئيسية المصدرة لهذا الإرهاب ليبحث معهم تعاوناً مشتركاً لمواجهة الإرهاب.

من المسؤول عن هذه النظرة للرئيس الاميركي الجديد عن العراق، وهو البعيد أساساً عن السياسة وجاهل بقضايا المنطقة؟.

صحيح أن فريق ترامب يتألف من عدد من الموتورين وأصحاب المواقف الحادة من الإسلام، وإيران، لكن ما هو دورنا، وبالأحرى تقصيرنا، الذي أدى الى هذا الموقف منّا؟.

ليست هذه الصورة التي رسخها أعضاء في فريق ترامب في ذهنه عنّا وليدة اليوم، بل تعود الى العامين الأخيرين من ولاية الرئيس الأسبق بوش الابن، صاحبة مشروع اسقاط صدام. فبعد سنوات من اسقاط النظام السابق، بدأ الحديث في أوساط «المحافظين الجدد» أصحاب مشروع التغيير، عن الاحباط و»الصدمة» من الوضع السياسي الجديد. أسباب هذا الاحباط تعددت، لكن أهمها قولهم «إن من كانوا مضطهدين ووصلوا الان الى الحكم تنكروا لنا»، كما كانوا يشاهدون التخبط في السياسة تجاه واشنطن، وعدم وجود خطاب عراقي موحد. في ذلك الوقت كان هناك من يبعث مندوبين الى واشنطن باستمرار ليقول لهم: «نحن حلفاؤكم التاريخيون ومن دعمتموهم لن يكونوا حلفاء لكم».المشكلة تكمن في غياب سياسة عراقية رسمية واضحة حيال واشنطن. نتعامل معها على أساس الحاجة الانية، فيما الدول تريد استراتيجية ثابتة تقرر على أساسها اعتبار الجانب الاخر حليفاً. وقعنا اتفاقية الإطار العام للعلاقات مع أميركا، لكننا لم نسع الى تفعيلها الا عندما احتجنا الجانب الاميركي أمنياً، مع ان الجانب الأمني هو جزء من الاتفاقية التي تمحورت حول تقديم دعم للعراق في كافة المجالات. كانوا يتصلون بوزير عراقي للاجتماع به وعرض دعم مخصص لوزارته فيرد بانه مشغول. الحقيقة انه يرفض الحضور لاعتبارات سياسية، فيما يستقبلهم إقليم كردستان ببرامج واضحة لتفعيل التمويل الاميركي لها. وبسبب غياب السياسة والرؤية الواضحة بشأن العلاقات مع واشنطن، فان باقي المفاصل التنفيذية المتعلقة بهذا الامر تأثرت أيضا. الخارجية لم تهتم بالعلاقات وتفعيلها، والسفارة لا تحظى بالدعم النوعي والعددي بما تتطلبه علاقتنا مع بلد عدد العاملين في سفارته لدينا يبلغ عدة الاف. تدعم هذا الغياب رؤية خاطئة لدى المسؤولين في أعلى المستويات بأن العلاقة مع السفارة الاميركية في بغداد كافية للتواصل مع الجانب الاميركي.

هذا القصور والتقصير معاً فتح المجال أمام الأحزاب والشخصيات للتواصل مع المؤسسات الاميركية في واشنطن، وبات لكل حزب مكتب تمثيلي هناك، فيما السفارة شبه مغيّبة، بل أن بعض المسؤولين يطلب من مضيفيه الاميركيين ألّا يحضر السفير العراقي اللقاءات معهم لسبب واضح: يبحثون شؤون طائفتهم أو جماعتهم وليس شؤون العراق، وكثير منهم يمارس دور الواشي والمحرّض ضد غريمه.

هكذا بات الاميركيون لا يحترمون الطبقة الحاكمة في العراق، ومن هؤلاء، الذين باتوا مستشارين لترامب ورسموا في ذهنه صورة للوضع السياسي في العراق تحرّك ازدراءه للسيادة العراقية، ويضع العراق في قائمة الدول المصدرة للإرهاب ويصف حكومته بالعملية لإيران.

هل من وعي لهذا التقصير والقصور؟ وهل من إرادة للمعالجة كي لا يكون الآتي أسوأ؟

  كتب بتأريخ :  الخميس 02-02-2017     عدد القراء :  2577       عدد التعليقات : 0