الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
هل جاء الاسبان من بلاد سومر

حفزتني سفراتي المتعددة الى اسبانيا ، واخرها كانت الى بلاد الاندلس وجبل طارق ، الى متابعة البحث والاطلاع على ثقافة وحضارة بلاد الاسبان ، فوقع تحت يدي كتاب المؤرخ السويدي هيرمان ليندكفست ، تاريخ اسبانيا ، فازددت معرفة بماضي وحاضر اسبانيا ، واستفدت منه في صياغة  افكار هذه المقالة .

يذكر الكتاب ان اولى موجات الاسبان التي قدمت  الى شبه الجزيرة الايبرية جاءت من شمال افريقيا ، كانوا صيادين ، توجد اثارهم حاليا في متحف مدريد ، وهي مجموعة من السهام والسكاكين الرشيقة .

ويحدد الاثاريون شكل الاسبان الاوائل، القادمون من شمال افريقيا بانهم قصار القامة ، اذكياء ، اقوياء ، بارعون في القتال وركوب الخيل ، ولهم بشرة سمراء ، يستخدمون سيوفا قصيرة ، كانت فعالة لدرجة ان الرومان استعاروا هذه المدية - السيف - منهم .

يـذهب المؤرخون وعلماء الاثار الى ان شمال افريقيا الذي قدم منه الاسبان كان محطة للانتقال الى اسبانيا ، وان هؤلاء الاقوام جاءوا من اواسط اسيا الصغرى ، قدموا قبل 5000 عام ثم استوطنوا جنوب اسبانيا ، وانتشروا حتى عبروا نهر ايبرو EBRO   وهو  نهر ايبريا ، ولذلك يطلق على اسبانيا شبه الجزيرة الايبرية .

يـشـير المؤرخون الى ان الايبيريين- الاسبان الاوائل ، سكان شبه الجزيرة الايبيرية -  كانوا قصار القامة ، لهم عضلات واجسام مفتولة ، وبشرة سمراء . كانوا فرسانا ماهرين ، شجعانا ، يعيشون على شكل قبائل ، ويشكلون مجتمعا متكاتفا قويا .

كان لهم دينهم الخاص وكانوا يقدسون الثور ، وما زالت الثيران الكبيرة المنحوتة من الحجر موجودة في شبه الجزيرة الايبرية.

توجد في اسبانيا ، خارج افيلا  AVILA  ، قرب غويساندو ، 4 تماثيل كبيرة لـثـيران واقفة جنب بعضها ، لها جبهات مسطحة ، الظاهر انها مسحت بايدي البشر الذين كانوا يطلبون منها العزيمة ، اوالعون ، منذ الاف السنين.

نشير هنا الى مكانة  الثور في الحضارة السومرية وعلى الاخص العلاقة التي حللناها في دراسات سابقة  حول تسمية جلجامش والتي تعني الثور الكبير ، وكذلك الثيران المجنحة التي اقتبستها الحضارة الاشورية من  السومريين .

الايبريون قدسوا المرأة

خارج مدينة المرية ALMERIA   توجد قبور تعود لخمسة الاف عام عثر فيها على مئات التماثيل للنساء ، وبما ان هذا العدد كبير ، فهو يشير الى وجودها في كل بيت مثل تمثال العذراء لدى المسيحيين اليوم .

صنعت التماثيل من الحجر دون وجه .

كذلك نجد تقديس المرأة الالهة في حضارة وادي الرافدين ، والالهة الام انانا خير مثال على دور المرأة في الحضارة السومرية .

انتشر القادمون  من اسيا الصغرى بعد بضعة قرون في شبه الجزيرة الايبرية ،استقلت القبائل ، تباعدت عن بعضها ، وعاشت في مناطقها مستقلة .

كانوا فلاحين ، وصيادين ، واهتموا بالتعدين ايضا واستخراج المعادن . وهو ما اشتهرت به ايضا  الحضارة السومرية وعيلام بالذات ، فشهرتها في التعدين وصناعات الحديد مشهورة .

القبائل التي استوطنت في المناطق الغنية من اسبانيا  تطورت بسرعة وبلغت مستوى ثقافيا رفيعا على الاخص سكان جنوب اسبانيا .

لا احد يعرف لغتهم التي كانوا يتكلمون بها ، لكن تم العثور على الواح فخارية عليها كتابات تعود الى 500 عام قبل الميلاد .

كان للايبريين - الاسبان - نظام كتابة خاص بهم ، والف باء  يعتقد انها متأُثرة بالفيــنيـقـية ، وللمقارنة بين كتابتهم والكتابة العيلامية القديمة  نضع نموذجين الاول لكتابة ايبرية - اسبانية - تعود لخمسة قرون قبل الميلاد والثاني للوح يعود لحوالي 2000 عام  قبل الميلاد لاحد ملوك عيلام ، نلاحظ تشابه اسلوب الكتابة وطرق رسم المقاطع في النموذجين .

من الجدير بالذكر ان تلك القبائل انتشرت ووصلت الى الجزر البريطانية  ، وقد ذكرت مصادر علمية بريطانية ان سكان بلاد الرافدين وصولوا الى بريطانيا وكانوا فلاحين ، فهل هناك من علاقة بين الاسبان وابناء الرافدين .

ومن غريب الصدف ، كنت قبل اسابيع في رحلة الى المغرب ، واطلعت على صناعات القبائل الامازيغية -  او البربر في المناطق الريفية في اغادير  ، والذين اشتهروا بصناعة التحف المعدنية وصياغة الفضة ، اخبرني احد ابناء مدينة اغادير ان الفضة تسمى في الامازيغية - نـُقرة - ، وهي نفس الكلمة التي نطلقها على الفضة في الكردية .

يرى الباحث الليبي عبد المنعم المحجوب في كتابه "ما قبل اللغة" أن الأمازيغية شأنها شأن بقية اللغات الأفروآسيوية تعود إلى أصل سومري مندثر، وأن المقاطع السومرية المفردة والمثناة توطّنت في جذور الكلمات الأفروآسيوية واصطبغت بسمات لفظية يتراوح الاختلاف بينها من مكان إلى آخر.- ينظر موسوعة ويكي بيديا مادة  لغة امازيغية -.

فهل انتقل السومريون والعيلاميون الى شمال افريقيا  ومن هناك الى  اسبانيا ؟!

............................................................

ينظر  :  Herman Lindqvis ,Historien om Spanien ,1991.

  كتب بتأريخ :  السبت 04-02-2017     عدد القراء :  3342       عدد التعليقات : 0