ابتلي العراق عبر تاريخه الطويل بأنظمة حكم أقل ما يقال فيها انها فردية تسلطية استبدادية، وظل على هذا المنوال ابتداء من الحكم الكسروي حتى انتهاء الحكم العثماني لينعم بما سمي بالحكم الوطني بعد الاحتلال البريطاني. وكان ما كان من انتفاضات وانقلابات وثورات حتى زوال الحكم الصدامي ومجيء الاحتلال الامريكي الذي انعم علينا بالجديد من الحكم المبني على اسس طائفية أثنية، نعمنا خلالها بالتفجيرات والارهاب والفساد المالي وغياب الامن والخدمات والافتقار الى الحكومة التي تهمها مصلحة المواطن وتوفير الحد الأدنى من العيش الكريم.
وضاعت اموال العراق وبيعت أراضيه وانتهكت حدوده وافتقد السيادة وأصبح نهبا موزعا بين دول الجوار، كل يأخذ ما يريد دون رادع أو وازع، حتى وصلت الأمور إلى ان تفقد السلطة نفوذها في المجالات المختلفة، واصبحت البلاد تحت هيمنة قوى متنفذة وأحزاب وعشائر و»صار كلمن ايده اله» و»الك يا طويل الذراع»، وأصبح طبيعيا أن يستيقظ المواطن على أخبار التفجيرات والنهب المالي، والاختطاف والقتل والترويع، وصار من الطبيعي التعامل مع هذه الأمور باللامبالاة بعد أن شبع المواطن من سماع وترديد هذه الأخبار..
«هاي سالفة الما تخلص» قالها سوادي بعصبية ظاهرة وأردف: «يگولون اكو ملك يحب السوالف وبيوم من الايام گال أي واحد يسولفلي سالفه ما تخلص أزوجه بتي ويصير وزيري، واليعجز أخذ راسه، ويوميه جايه واحد ومسولفله سالفه ومن تخلص ياخذ راسه حتى انترس سياج القصر بروس المساكين، والناس خافت وبطلت من هاي السالفه. يوم من الايام أجه واحد غريب يسأل عن قصر الملك، گلوله شتريد؟ گللهم عندي سالفه الما تخلص، گللوهه عمي روح ابدربك شوف هاي الروس المعلگه كلها الوادم خلصت سوالفهه، گللهم آني عندي سالفة ما تخلص. المهم طب عالملك گله أني راح اسولفلك سالفه الما تخلص، گاله الملك أنته تعرف الشرط؟ گاله نعم وأني موافق. گاله سولف.. گال للملك مولاي آني يوميه أگعد من الصبح أصلي وأتريّگ وانام ومن يصير الظهر أگعد من النوم أصلي واتغده وانام و لُمن يصير الليل أگعد أصلي واتعشه وانام. وثاني يوم مولاي اگعد الصبح أصلي واتريگ وانام و الظهر أگعد أصلي واتغده وارجع انام وبالليل أگـعد أصلي واتعَشّه وانام.. وظل على هاي السالفه يومين يسولف والملك احتار ومل منه وصاح بيه كافي ولك منين جبتلي هالطرگاعه السوده الما تخلص.. نعله عله أمك وأبوك!
عاد ولا احنه سالفتنه ما تخلص لكن يغلط اللي يگول إحنه راح انظل بالكفخات لمن تطلع أرواحنه ابداً ابداً.. وراح تشوفون!».
سالفة الما تخلص!
