الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
من مآسي انقلاب 8 شباط.. شر البلية ما يضحك

بعد ثورة الرابع عشر من تموز انتشرت في العراق كتب قيمة من الادب الروسي مثل كتب تولستوي ومكسيم غوركي ودستويفسكي وغيرهم اضافة الى كتب ماو تسي تونغ وستالين ولينين ، وبعضها كان من النوع الثقيل والمجلد تجليدا فاخرا بحيث كانت محل اعتزاز هواة جمع الكتب واصحاب المكتبات التي كانت منتشرة في بيوت المثقفين والسياسيين والمعنيين بالثقافة عامة والسياسة .

وكانت اغلب بيوتنا تحوي العديد من تلك الكتب التي كانت رخيصة الثمن باستطاعة اي شخص شراء ما يشاء منها رغم ان البعض منا كان لم ينضج بعد لدرجة استيعاب تلك المفاهيم والفلسفات التي كانت تستهوي الناس للاطلاع عليها والتهام اكبر كمية من المعرفة كي يتسلح بها لمواجهة التطورات السريعة التي حدثت في المجتمع العراقي بعد نجاح ثورة الرابع عشر من تموز المجيدة .

كنا في سباق مع الزمن ، نقرأ ما يقع تحت ايدينا من كتب سياسية وادبية اضافة الى الافلام السينمائية التي كانت تلهب الحماس مثل فيلم الام الروسي الذي اكتسح  دور السينما وكانت السينما الصيفية التي تعرضه تواجه مشكلة خروج الجماهير من السينما في تظاهرة رغم تاخر الوقت ليلا .

ولكن ما ان وقع انقلاب الثامن من شباط الدموي ادرك المواطنون ان البلاء سيقع في البلاد نظرا لما يعرفه الناس من فاشية الانقلابيين قبل ان يصلوا الى سدة الحكم . فقد كان اغلب انصار الاحزاب القومية -حينذاك لم يكن حزب البعث قد اشتهر على الساحة - وانما كانت الاحزاب القومية هي المشهورة في الساحة السياسية ، وكانت تستفز الجماهير وتقترف الاعمال العنيفة قبل تسلمها السلطة .

وبسبب الخوف من تطورات الامور وعاقبة السوء وبدء الاعتقالات والمقاومة التي شنها عقد الكرد والكاظمية ببغداد وتوقع اسوء الاجراءات من قبل الانقلابيين ارتأى اغلب المثقفين او اسرهم التخلص من الكتب الماركسية والتقدمية والادبية الروسية التي في مكتباتهم ، فقام البعض بدفنها في حدائق البيوت ان كانت لديهم حديقة .

ولكن صديقي من اسرة الجادري لم تكن لديهم حديقة ، فاشار عليهم عمهم بحرق الكتب في موقد الحمام والاستفادة من النار في غلي الماء، خاصة وان الشهر شباط والبرد شديد فيضربون عصفورين بحجر ، التخلص من الكتب والاستفادة من الحمام .

وهكذا بدأوا باشعال النار في موقد الحمام ، ولكن لسوء الحظ ارتد دخان حرق الكتب داخل البيت ولم تنجح المدخنة في تصريف الدخان ، فامتلأ البيت بالدخان ، وخوف الفضيحة اخذ اهل البيت يتناوبون في تهوية الموقد كي يخرج الدخان من اعلى المدخنة ، وبينما جلس العم امام الموقد يلقي فيها الكتب ، يمزق بعضها ويلقي بالاوراق في الموقد واجهته مشكلة جديدة ، هي سماكة الجلد الذي يغلف الكتاب والذي كان يصعب احيانا تمزيقه لرميه في الموقد ، فكان يردد بينه وبين نفسه : شلون تجليد .. ما يحترك ...

استمر حريق الكتب مشتعلا بين بكاء صاحب الكتب الشاب فوزي ، ووجوم اهل البيت وخوفهم ، وترديد العم همهماته  :  شلون كتب عبالك  قرآن .....

  كتب بتأريخ :  الجمعة 10-02-2017     عدد القراء :  3420       عدد التعليقات : 0