الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
ببساطة ووضوح شديدين

انطلقت الحركة الاحتجاجية قبل ما يقارب العام ونصف العام، ورفعت ثلاثة مطالب اساسية تلخصت في اصلاح النظام السياسي، ومكافحة الفساد، وتأمين الخدمات.

واستبشر المواطنين خيرا عندما استجاب مجلس الوزراء للمطالب المذكورة في جلسته يوم 10 آب 2015، واصدر حزمة اصلاحات صادق عليها مجلس النواب بعد يوم واحد، واضاف اليها ورقة اصلاح برلمانية. وخلال الفترة نفسها اصدر مجلس القضاء الاعلى ايضا ورقته الاصلاحية.

وبادر التيار الصدري الى سحب وزرائه، في خطوة غايتها دعم رئيس الوزراء، وتيسير تعيينه بدلاء عنهم من التكنوقراط المستقلين. واشاع هذا كله الامل في وجود فرصة للتغيير، لذلك استقبله الشعب العراقي بارتياح كبير. خاصة وانه اسهم في زيادة زخم معركة قواتنا المسلحة وهي تقاتل الارهاب، والتي أتمّت تحرير مناطق ديالى وصلاح الدين والانبار من سيطرة داعش.

الا انه اتضح لاحقا، وللاسف الشديد، ان حزم الاصلاح التي طرحتها السلطات لم تكن سوى انحناءة امام عاصفة المطالب الجماهيرية. انحناءة سرعان ما ادير لها الظهر، وبدلا من المضي قدما في الاصلاح، جرى ترسيخ المحاصصة الطائفية مجددا في ادارة مؤسسات الدولة. وهو ما توّجه التصويت على الوزراء الامنيين وفقا للمحاصصة، فانقطع الامل بان ترى الاصلاحات المنشودة النور على ايدي المتصدين للمشهد السياسي الحكومي والبرلماني.

هكذا سدت الابواب امام مطالب حركة الاحتجاج. ومع ذلك بقيت الحركة متمسكة بمواصلة انشطتها السلمية. ولانها حركة تعمق وعي المتصدين لها، فقد توصلت الى قناعة بان صناديق الاقتراع هي مفتاح التغيير.

غير انها اصطدمت برأي عام واسع، لا يرى جدوى في الانتخابات التي «ستأتي بالوجوه ذاتها». فقانون الانتخابات مفصل على مقاساتهم، والمفوضية تم تعيينها وفق المحاصصة، لذلك شكل العزوف السمة الغالبة في الموقف من الانتخابات.

نعم، لكي يقتنع المواطنون بان التغيير يمكن ان يتحقق بالطرق الدستورية والقانونية، عبر انتخابات تغير موازين القوى في اتجاه التغيير والاصلاح والاعتدال ولمصلحة اصحاب المشروع الوطني الحقيقي، فلا بد من توفير اجواء ثقة لهم. وهذا لا يتحقق عبر المناشدات، بل يتطلب بجانب عوامل اخرى، تغيير قانون الانتخابات، وتغيير مجلس المفوضين والاتيان بآخر يتم اختياراعضائه على وفق معايير الاستقلالية والحيادية والخبرة والوطنية والنزاهة.

لذلك ركزنا على هذين المطلبين، وحاولنا إسماع صوتنا بكل الطرق السلمية، وهذا ليس بالاحتجاج وحده، بل ايضا عبر وسائل الاعلام وتنظيم الورشات والمؤتمرات، وعبر الامم المتحدة. لكن ما تسرب من اوساط القوى المتنفذة في البرلمان، يشير الى انها بدلا من تعديل قانون الانتخابات ليكون عادلا منصفا يحول دون احتكار التمثيل، تعمل على ان تكون الانتخابات عبر القائمة المغلقة!

وليس هذا وحسب. فها هي استخدمت عنف السلطة وارهابها ضد حركة الاحتجاج السلمية. وان ما واجهه المتظاهرون يوم السبت من اطلاق رصاص حي ومطاطي وغازات سامة، ليس غير دليل على ان المتنفذين لا يريدون السماح بانفتاح اي كوة امل في ان يسمعوا صوت الشعب، وينصتوا لرغبته في التغيير. وهم بهذا يرسخون اكثر واكثر سطوتهم، ويجهزون على اي فرصة مهما كانت ضئيلة للتغيير.

بيد ان اصرارنا، كقوى اعتدال واصلاح وتغيير، على المضي قدما في الحراك الاحتجاجي السلمي، والتمهيد لهبوب رياح التغيير وما تبشر به من آمال، هو ما سينتصر للعراق ولانقاذه من سطوة المتنفذين ومن عبث قوى الارهاب والفساد والعنف والتطرف.

  كتب بتأريخ :  الخميس 16-02-2017     عدد القراء :  2994       عدد التعليقات : 0