الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
ممنوع عمل المراة في مقهى واسط .. مسموح في مجلس النواب

   في قرار صادر من مجلس محافظة واسط ، منعت المرأة من العمل في المقاهي - كوفي شوب - لان عملها في هذه الاماكن يتنافى مع التقاليد .

   اثار انتباهي هذا الخبر الذي اوردته وكالات الانباء العراقية ، في محافظة ترعرعت فيها وشربت مياه دجلتها السنين الاولى من حياتي حتى انتقالنا منها الى بغداد اوائل الستينات من القرن الماضي ، عشت فيها نحو عشر سنوات من عمري فقط ، ولكني لا زلت احتفظ لها ولسكانها باعطر الذكريات ، كردها وعربها ، حضرها ومعدانها ، فان انس لا انسى الروبة و القشطة الطيبة التي تجلبها الى السوق نساء معروفات ، او الدروس التي كانت تعلمنا اياها الملا في بيتها ، والسيدة المهيبة التي كانت تتاجر بالاغنام وتجلس في المقهى مع الرجال بملابسها السومرية الجميلة ، والخالة التي كانت تعالجنا بالادعية وقراءة القران ، والخبازة التي تزود مدرستنا بالخبز الحار صباح كل يوم في تقليد كان معروفا باسم التغذية المدرسية ، والمناضلة التي قاومت البعث وخرجت تقود التظاهرات حاملة فاسا بيدها ، والصباغة الطيبة التي كانت تصبغ ملابس الناس بصبغ النيل والجويت ، ويزدحم الناس على بابها ايام الاعياد للحصول على ملابسهم الملونة ، وغيرهن كثير لا اذكرهن مع الاسف لطول الغياب عن الوطن ... هؤلاء النسوة الرائعات اللواتي لو اتيح لي لاقمت لهن تماثيل من ذهب كي تعرف مدينة الكوت خيار اهلها الذين قدموا لها اغلى ما لديهم من تعب وجهد وعرق .

   لو كانت في مدينة الكوت حكومة منصفة لبادرت الى بناء معمل للالبان للاستفادة من المنتجات الزراعية والبان الجاموس والابقار وخبرة المعدان في صنع الروبة والقشطة والجبنة ، ولنافست اكبر مصانع الالبان في المنطقة ، ولكن النهب والسرقة والجهل جعل من هؤلاء السياسيين يتندرون على المعدان وينتقصون من مهنتهم رغم انها من المهن المفيدة ، وما اشتهرت الدانمرك في اوربا الا بمنتجاتها من الالبان والجبن والحليب ، حتى انها اقامت اكبر مصانع تعليب الحليب والجبن والقشدة في السعودية ، باسم منتجات البان الراعي ، والحقيقة هي مصانع ومنتجات دانمركية ، حاليا يستوردها العراق بدلا من ان يصدر منتجات شعبه الذي كان يصنع اللبن والجبن والزبدة والقيمر منذ العهود السومرية .

   وياليت وزير النقل تنبه الى هذه الميزة بدلا من تحليقه وراء المطارات السومرية الفضائية ، والاستفادة من قول الفيلسوف الفرنسي بيكون ان علينا ان ندرس ما تحت ايدينا بدلا من التفكير بالمعضلات الخيالية مثل الكون والوجود ، يجب علينا ان ندرس اصغر الكائنات اولا مثل الحشرات والنباتات لمعرفة من اين وكيف نشأت وبذلك نستطيع حل مشكلة الوجود والكون .

   بعد ثورة الرابع عشر من تموزالمجيدة ، بادرت حكومة الشهيد عبد الكريم قاسم الى انشاء معمل نسيج الكوت ، وما ان فتح معمل النسيج الروسي ، حتى فتح باب العمل للنساء ، حدث جدل كبير في مدينة الكوت ، كيف تشتغل المرأة في المعمل مع الرجال ، وكيف تذهب الى العمل لوحدها ، وكان ان تخطت عتبة المعمل العديد من النساء والفتيات الجريئات ، فاصبح عمل المرأة ظاهرة اجتماعية مقبولة ، بعدها ظهرت المرأة في المستشفى والمدرسة والمعمل .

   ان عمل المرأة في المقهى مثله مثل عمل المرأة في مجلس النواب ، لافرق ، وبما ان السياسيين احتكروا عمل المرأة في مجلس النواب لنسائهم وقريباتهم، لم يبق مكان اخر لعمل المراة سوى في المقاهي والمطاعم والاسواق ، وبدلا من منع النساء من العمل في اي مكان حددوا شروط العمل لصالح المرأة العاملة مثل تحديد ساعات العمل والاجر المجزي واصدار قوانين تحفظ حقوق العمال والعاملات من التجاوز المهني والاخلاقي ، واذا وجدتم عمل المرأة في المقهى ممنوعا فلا يحق لكم السماح للنساء العمل في مجلس النواب ايضا يا سادة يا كرام .

الحوار المتمدن

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 15-03-2017     عدد القراء :  2862       عدد التعليقات : 0