الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
اليوم العالمي للمياه ... حرب المياه هي حرب المستقبل
بقلم : زاهر نصرت
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

يوم 22 / اذار من كل عام يقام احتفال عالمي للمياه الذي يتضمن فعالية عالمية لجذب الانتباه الى اهمية المياه العذبة من خلال الدعوة الى الادارة المستدامة لموارد تلك المياه ولا يخفى على احد ان المياه تعد عاملاً حيوياً في حياة الشعوب وعنصراً اساسياً في رسم سياسات الدول ، وكثيراً ما تثير اطماع الدول في الموارد المائية الخاصة بدول الجوار افتعال ازمات سياسية قد تشعل الحروب .

ان حروب المياه قديمة قدم التاريخ وباتت تشكل خطورة اكبر من الصراع المسلح بالاسلحة التقليدية لانها تمتاز بالسرعة وقلة التكاليف وبالنتائج الكارثية وقد استخدمها القادة العسكريون القدماء في سبيل تدمير خصومهم وايقاف تقدمهم من خلال عملية كسر السدود الاروائية الصناعية والطبيعية وغمر تواجدهم بالمياه المتاحة لديهم ، فهي حرب قذرة غير معلنة كون الجانب القائم بها لا يمكن كشف امره الا بعد فوات الاوان بوقت قصير . الصينيون هم الذين استخدموا هذا الاسلوب الا ان نتائجه البائسة ظهرت بعد حين وانعكست سلباً عليهم لان المناطق التي غمرتها المياه اصبحت مناطق موحلة وموبوءة لكثرة الامراض وغير قابلة للسكن والزراعة لوقت طويل علاوة على ازالة جميع الممتلكات منها بعد ان كان سكانها النازحين منتجين في حقولهم ومصانعهم انذاك .

ان من ضمن مسلسل عمليات حرب المياه هي امكانية السيطرة والتحكم بمياه الانهار والروافد من قبل الدول التي تقع على منابع تلك الانهار اما بتبديدها او بناء السدود عليها بغية حجب المياه عن الدول التي تقع فيها مصبات الانهر ولذلك تقضي الضرورة تعضيد وتنظيم وضم صفوف الدول بالاتفاق والتعاون والتضامن حول مسألة شيوع الشراكة في خيرات الارض الطبيعية المتمثلة بالمياه والطاقة والغذاء . وقد آن الاوان في تفعيل الاتفاقيات والمعاهدات التاريخية السابقة مع دول المنبع لنهري دجلة والفرات ( تركيا وسوريا ) والتي لا تعترف تركيا بشروط واتفاقيات احكام هلسنكي لعام 1966 واتفاقية الامم المتحدة لعام 1972 والاتفاقية الدولية للبحار والانهر عام 1996 التي تنص على اقتسام حقوق المياه للدول المتشاطئة طبقاً لتعداد السكان ، ولا تعترف ايضاً بالاتفاقيات القديمة المبرمة مع العراق عامي 1913 و 1914 اضافة الى ذلك ان سد اتاتورك يستخدم ثلث مياه نهر الفرات مع انشاء ( 22 ) سد لري المناطق الزراعية لمشاريع جنوب غرب الاناضول ( الغاب ) وسد اليسو ثاني اكبر السدود بعد سد اتاتورك على نهر دجلة وتشير المعطيات الى ان نصف ما يصل من مياه نهر دجلة الى العراق سيتم حجزه في منشآت ومشاريع هذا السد ، اما في الجانب السوري فقد قام بانشاء مشاريع السدود وخزانات المياه على حوض الفرات كذلك ايران فهي الاخرى لها مصالحها في تحويل معظم الروافد التي تصب في نهر دجلة لتطوير زراعتها مثل نهر الكارون والوند وكليمان في بدرة وجصان ونهر النكير الذي يصب في هور الشويجة في محافظة واسط .

الامر اذن يستدعي الضغوط غير المباشرة على الدول المتشاطئة في سبيل اعطاء العراق حصته المشروعة من المياه عن طريق المصالح الاقتصادية المتبادلة فضلاً عن السياسة ومن ثم المباشرة بسرعة اتخاذ الاجراءات والتدابير الاستباقية الوقائية لمعالجة ازمة حادة قد تحدث بالقريب العاجل لتفادي الجفاف والتصحر والعطش وذلك بتأمين مصادر المياه البديلة من خلال استغلال المياه الجوفية وحفر الآبار وتشجيع الزراعة الميكانيكية فضلاً عن استخدام تقانات الري الحديث وانشاء البيوت البلاستيكية وانشاء وصيانة الانهر المبطنة بمادة عازلة لمنع المياه من الغور داخل التربة والقيام بتنفيذ حملات توعية ثقافية للفلاحين والمواطنين بخصوص ترشيد مياه الشرب والاستهلاك الخاص .

عليه فان التحديات جسيمة والمسؤولية اعظم فخطر شحة المياه خطر جسيم يداهم اعظم قلعة تاريخية للحضارة الانسانية تعرف ببلاد ما بين النهرين منذ ان وجدت الخليقة او ما تسمى بارض السواد الاعظم ، يتحداها خطر حقيقي يسمى حرب المياه بغض النظر عن هوية ودوافع من يشنها من هذا الطرف او ذاك ولابعاد الطبيعة عن شبح الاستخدامات العسكرية العدوانية تقتضي الضرورة ان نرتقي الى مستوى هذه التحديات فالعراق امانة في اعناق اولي الخبرة والقدرة والحكمة من اصحاب القرار السياسي والاقتصادي حيث انه لا آمن سياسي بدون الامن الغذائي ولا آمن غذائي بدون الامن المائي وهذه مائدة الله على الارض لجميع خلقه لضمان الاستقرار والعيش الكريم والامن والامان .

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 22-03-2017     عدد القراء :  2034       عدد التعليقات : 0