الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
مظاهرة الاول من ايار لا يشارك بها العمال..!

   اخبرني احد الاصدقاء الاعزاء من البصرة ، سعد الشمري : أن مظاهرة الأول من ايار كانت خالية من مشاركة العمال، الذين هم اساس معنى ومبنى المناسبة التاريخية العالمية. اقتصرت المظاهرة على مشاركة المثقفين فقط ومن اعضاء الحزب الشيوعي فقط .

   لماذا..؟

   لا حاجة بنا للرجوع لا الى كارل ماركس ولا الى سيجموند فرويد لمعرفة السبب.. ربما هناك انواع متعددة من الاسئلة وربما هناك سيولة متعددة من الاجوبة والمبررات..!

   لكن الحال يحمل علامة من العلامات الفارقة لها دلالة ومدلولات ينبغي التوقف عندها لمعرفة الاسباب الحقيقية وراء هذا التخلي الميكانيكي في صفوف عمال البصرة عن حقوقهم التي تبدأ المطالبة بها فعليا بمثل هذا اليوم وبمثل هذه المناسبة التاريخية.

   للعلم والفهم ايها العمال في مدينة البصرة ان اول مظاهرة في العراق كله بمناسبة الاول من ايار جرت في العشار عام 1947 شارك فيها العمال والكادحون من طاقات السكك والميناء وشركة نفط البصرة والباور هاوس بقيادة العامل ناصر عبود والكادح عبد الوهاب طاهر وهادي طعين . كانت المظاهرة قد سارت من حديقة اسد بابل حتى مبنى المتصرفية بالعشار ، اجبرت المستبد ان يقف خاشعا امام الاله المناضل الجديد.

   اليوم بعد 70 سنة من الانوار المشعة بكل مكان في العالم يتراجع العمال في مدينة البصرة عن المشاركة بمناسباتهم ذاتها. مع الأسف، انهم يحفرون بأيديهم ثقبا اسود في جدار النضال الشعبي الابيض وهم لا يعلمون..!

   العمال ، يا صديقي سعد الشمري، لم يعودوا طبقة رصينة واحدة، بل صاروا قبائل متفرقة.

   العمال صاروا يبحثون عن (فخذ) عشائري ويبحثون عن (بطون) اصولهم القبلية.

   صاروا صيغة مصدرية للطائفية.. صاروا انجازا ماديا للطائفية. صار بمقدور احزاب الاسلام السياسي ان يجعلوا الطبقة العاملة مجاميع وكيانات للأفعال الآلية الطائفية في العملية السياسية والعملية الانتخابية لقاء وعود بالحصول على البطانية..!

   في كل مكان من بلدان العالم نرى العمال يتقدمون بعقولهم وبأساليب نضالهم ليقفوا بمقدمة كل شيء بموجب نسق اجتماعي – سياسي يخترق ويهدد ويعرقل مسيرة الآلة الرأسمالية. العمال هنا في هولندا وهناك في المانيا وبريطانيا وامريكا يتزامنون مع التغيير والتنوير ليحققوا خطا مستقيما من انتصار الى انتصار على نظام الرأسمالية القوية.

   لكن العمال في مدينة البصرة تخلوا عن الاتصال والتوحيد والتظافر.. اصبح عقل العمال منفتحا على الدين والطائفية اصبح عقل العمال ضئيلا لانهم انقادوا بوعي او من دون وعي الى الانفتاح امام الطائفية امام المغيرات الشيعية .. اصبحوا اداة التطبير والتلطيم وضرب القامات والزناجيل.. اصبحوا قطيعا مطيعا يذهبون مشيا على الاقدام من البصرة الى كربلاء بكل عاشوراء.

   لم تعد الطبقة العاملة في مدينة البصرة المعاصرة اداة للتغيير كما ظن كارل ماركس ولينين ويوسف سلمان يوسف، بل اصبح اكثرها قوة منتمية الى عناصر الآلة الطائفية، التي يمسك بها قادة احزاب الاسلام السياسي من اشباه الأمميين المتقافزين من دائرة فساد الى دائرة اخرى ومن نقطة نهب مالي الى اخرى.. صار الجامع والحسينية هو المعبد الذي يفضله العمال البسطاء والمنافقون معاً. صار العمال آلة بيد كهنة الدين والطائفية الرأسمالية.

   سمعت صباح اليوم يوسف سلمان يوسف يقول: غيروا ايها الرفاق اساليبكم لتقطعوا حبال الوصل بين العمال والطائفية.

   طائفية الجامع والحسينية قادرة على جعل العامل المقهور مقموعا من دون ان يدري ومستعبدا بيد الرأسماليين الاسلاميين من دون وعي .

   مطلوب من النخب الثقافية ومن الطلائع الشيوعية ان يجعلوا الطبقة العاملة، التائهة المستكينة ،في مدينة البصرة ، كائنا اجتماعيا، مناضلا شجاعا ، كما كانت في زمان هادي طعين وهندال الجادر ومحسن ملا علي وناصر عبود وشاكر محمود ورفاقهم الآخرين وإلاّ فأن الطبقة العاملة لم تعد طليعة اذا ظلت خاضعة للباطنية الطائفية.

بصرة لاهاي في 1 – 5 – 2017

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 02-05-2017     عدد القراء :  2724       عدد التعليقات : 0