الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
ترامب .. شقاوة من هوليود

احتار الناس في امر ترامب منذ اليوم الذي برز اسمه مرشحا للانتخابات الرئاسية ، اذ لم يتوقع له الكثيرون الفوز ، حتى مراكز الاستطلاع والصحف والاعلام ومراكز المعلومات ، لم تستطع فهم ظاهرة ترامب ، فتوقعت فوز هيلاري كلينتون السياسية المتمرسة في وزارة الخارجية وفي الحزب الديمقراطي ، ولكن العدد القليل من الذين توقعوا فوز ترامب صح توقعهم واسقط بيد الدوائر الاعلامية التي كانت لا تتوقع فوز ترامب .

خلال الحملة الانتخابية لترامب ظهر بمظهر الممثل المشاكس ، الصعب ، العنيد ، الشرس ، المهاجم .. مقلدا ادوار اشهر ممثلي هوليود في افلام رعاة البقر وعصابات المافيا ، وابطال الملاكمة والمصارعة الحقيقية منها والتمثيلية .

ولا احد منا يجهل اسلوب البطل محمد علي كلاي الذي كان يتهجم على خصومه بالكلام القاسي حد الشجار على ميزان قياس الوزن الذي يؤديه البطلان قبل النزال . وكذلك ما شهدناه من صراع تمثيلي بين ابطال المصارعة في عهد طيب الذكر عدنان القيسي الذي كان يستقدم ابطالا من امريكا لنزالات المصارعة وكانت برامج التلفزيون العراقي تنقل لقاءاتهم وتبادلهم الكلام الحاد اثناء المقابلة التلفزيونية .. وهو تمثيل خالص كان يعبر على الكثير من العراقيين الذين يدعون انهم ( مفتحين باللبن ).

الرئيس الممثل

من اشهر الرؤوساء الممثلين في تاريخ امريكا الرئيس الاسبق رونالد ريغان الذي لم يكن ممثلا متميزا ، بل كان ممثلا فاشلا حسب مقاييس السينما الامريكية .

بعد فوزه في الانتخابات جمعني لقاء بالصدفة باحد الامريكان في سفرة الى جبال الهملايا فسألته عن فوز ريغان واستطلعت رأيه لانه امريكي قد يعرف اكثر منا عن سبب نجاح ريغان في الانتخابات ، لاننا لم نقـتـنع بامكانية فوز ممثل بمنصب رئاسة الجمهورية ! فاجابني بجملة مفادها ان ريغان ممثل فاشل لكنه ادى دوره بنجاح في الانتخابات ، لذلك حصل على المنصب وتغلب على منافسه .

كذلك ترامب ، لم يكن بعيدا عن اجواء التمثيل والاستعراضات فهو شارك كممثل في برامج تلفزيونية وفي استعراضات المصارعة وتنظيم مسابقات ملكات الجمال وله باع طويل في التعامل مع الشاشة والاعلام والصحافة منذ شبابه رغم انه لم يكن منغمسا في السياسة ، وقد اختار بدلا منها الانغماس في عالم المال والتجارة .

في حملته الانتخابية صمم ترامب على نيل رضا المواطن الامريكي البسيط ، المواطن العادي ، المواطن الذي شكلت وعيه افلام هوليود والمسلسلات التلفزيونية والصحافة التجارية والدعايات الامريكية لمطاعم ماكدونالد والكوكا كولا والبسة الجينز وممثلات الاستعراضات الراقصة والغنائية امثال مارلين مونرو ودوريس دي ومادونا ومشاهير المغنين مثل الفيس برسلي ومايكل جاكسون والممثلين الكبار امثال غرغوري بيك وجون وين ومارلون براندو وغيرهم .

باع ترامب جولات من البطولات والتهديدات والاماني للمواطن الامريكي ، ولكنه متأكد ان المواطن سينسى تعهداته بعد ان يقدم له القليل من الشكولاته وبعض الحبوب المنومة والافلام البوليسية التي سيمثلها في افغانستان مثل القاء ام القنابل بواد غير ذي زرع ، او قصف بعض الصورايخ على سوريا مقلدا بذلك صواريخ صدام على اسرائيل .. فقاعات دعائية لا خوف منها ولا هم يحزنون . وهي بحد ذاتها تكفي لاقناع اغلب الناس الذين سيلعقون اصابعهم ظنا منهم انهم فازوا باللقمة الدسمة والباقي على الله .

وهناك من في قلبه مرض وخوف مزمن سيسارع الى التضرع واقفا امام باب ترامب راجيا منه ان لايرميه بمثل هذه القنابل ، وهو عين ما فعله الانجليز في العراق ، اخبرني جدي بحادثة لا اذكر تفاصيلها الدقيقة ولكن الحكاية كانت عن الحامية البريطانية في كركوك التي كانت فوق الجبل ، كانت الحامية ترفع العلم يوميا باحتفال مهيب صباح كل يوم وتدور حول مدفع تقدم له التحيات العسكرية والعزف الموسيقي ، وفي المساء تحتفل حوله ايضا بانزال العلم وهكذا على مر الايام ، حتى ان الناس اسفل الجبل وفي المدينة كانوا يخشون الانجليز ويحاولون ان يتجنبوا التدخل في شؤونهم لئلا يرمونهم بقذائف المدفع الرابض فوق رؤوس الناس كالنسر او كالاسد الهصور .

وبعد عام او اكثر حين انتهت الحرب وخسر الاتراك الحرب العالمية الاولى ، صعد الناس الى الحامية الانجليزية ليكتشفوا ان المدفع كان من خشب ،لا فائدة فيه وهو الذي ارعبهم عاما كاملا .

وعود ترامب .. كلام الليل يمحوه النهار

افلح ترامب بنشر الوعود والاكاذيب والدعايات المختلفة التي لا يستطيع احد الاحاطة بها لكثرتها وتوزعها على جميع مفاصل الحياة السياسية والاجتماعية والعسكرية والاقتصادية ، وعود بدحر الارهاب والقضاء عليه ، وعود بتوفير فرص عمل ، وعود بمنع الهجرة غير الشرعية وتشييد جدار على حدود المكسيك ، وعود بذبح البقرة الحلوب حالما تنتهي من تزويد امركا بالحليب ، وعود بنهب نفط العراق ، وعود باستحصال بدل الدفاع عن بلدان حلف الناتو / الدول الاوربية ، وعود بحل القضية الفلسطينية ، وعود بنقض الاتفاق النووي مع ايران ، وعود باعادة المياه الى مجاريها مع روسيا .... وعود في وعود واوهام لا احد يستطيع متابعتها.

ولما كانت اسهل الوعود افضلها ، اتبع ترامب سياسة عنتره ، حين سئل عن شجاعته ، فقال اضرب الضعيف ضربه يهلع لها قلب القوي ، وفي رواية اضرب الجبان ضربه يهلع لها قلب الشجاع ، لذلك هرع ترامب الى حيث المال الوفير والخوف الكبير الى السعودية واسرائيل .

وكان الخوف من تهديده بذبح البقرة قد سبقه الى البلدان ، فبادروا الى اتقاء شره ان صدقا وان كذبا ، ومنحوه ما لديهم من مال الله واموال اليتامى والمساكين ، فنهب المقسوم واسرع به الى بني اسرائيل يبشرهم بالفوز المبين .

ولكن الخوف في اسرائيل لم يهدأ ما دامت الامعاء الخاوية للفلسطينيين الجياع تزأر في السجون ، فرحبت اسرائيل بما جاء به ترامب ولكنها طالبته بالمزيد ، فالخوف من تسليح الخليج والسعودية بالذات قد ينقلب الى محنة في يوم ما من قابل الزمان ما دامت هناك نيران تحت الرماد .

لذلك يجب ان يستهلك السلاح المقدم الى السعودية فورا دون ان يتكدس في مخازنها ويكون طوع بنانها لانها قد تسيء استخدامه سواء بقصد او بدون قصد اوخشية من ان يقع في ايدي غير امينة .

والحل هو بتاجيج الخلاف بين قطر والسعودية للايقاع بينهما واشعال نار مشابهة لتلك التي اشتعلت بين العراق وايران ، وبذلك يخسر البلدان ما سوف يصلهما من سلاح في صحراء تهامة وبوادي الدوحة ونجد والاحساء والقطيف والرياض .

اما ما يدور في اليمن فقد آل الى نهاية لاتحمد عقباها لان انتشار الكوليرا سيفتك بالجميع، من كان مقيما منهم بارض اليمن السعيد او من كان غازيا ، فالوباء لا يعرف الهويات الفرعية وانما سيتعامل مع الجميع على قدم المساواة بموجب عدالة السماء التي تختلف عن عدالة الارض التي توزع المغانم على ذوي القربى ، لذا من الافضل ترك بلاد اليمن والتوجه الى صحراء اخرى ليصبح لدينا اكثر من ربع خالي .

هكذا نجح ترامب في الخطوة الاولى ، وسيراهن على استثمار هذه الخطوة حتى يجد الله له مخرجا امينا من ورطته مع جيمس كومي مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي الذي سيقض مضجع ترامب رغم اقالته ، ويجب ان لانـنـسى روسيا التي ما زالت تفتح ذراعيها مرحبة بترامب من طرف خفي ، وترهبه بقاذفات فضائية تدك اركان الارهاب في سوريا وتحقق نجاحا تلو اخر في حرب ضروس قد تاكل ترامب وفريقه في الصراع السياسي قبل العسكري مادام لا فروف يرفرف فوق رؤوس البعثات الدبلوماسية بدهائه ، يستل فوزا بعد اخر تاركا الدبلوماسية الامريكية تحك جلدها باضافر جوليان اسانج صاحب الوكيليكس ... والسلام على من اتبع الهدى .

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 31-05-2017     عدد القراء :  2850       عدد التعليقات : 0