الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
أيها المجاهد.. ما جريرة الأطفال؟

هذا سعد بن معاذ قد أصابه أحد مقاتلى قريش برمح فى موقعة الخندق، فدعا «اللهم لا تمتنى حتى تقر عينى من بنى قريظة»، وكان له ما أراد، وقرت عينه بما رأى وبما سمع، وشفى صدره بحكمه على يهود بنى قريظة، «يقتل المقاتلة، وتقسم الأموال، وتسبى الذرارى والنساء»، وكان من سوء حظ بنى قريظة أنهم وافقوا على تحكيمه، فقد وثقوا فى رحمته وفى بره بهم، فهو من بطن قبيلتهم قبل إسلامه، لكنهم لم يعرفوا عن قسمه ورغبته فى الانتقام شيئا. فلما حكم فيهم بما حكم، قال الرسول «حكمت يا سعد فيهم بحكم الله من فوق سبع سماوات». الرواية تقول باختصار: لما عاد الرسول من الخندق واغتسل، أتاه جبريل راكبا بغلة وعلى رأسه الغبار، وقال للنبى: هل وضعت السلاح؟! اخرج إليهم وأشار إلى يهود بنى قريظة. وحاصرهم المسلمون خمسا وعشرين ليلة، ولما اجتمع به نفر من الأوس، قالوا له: لقد عفوت عن بنى قينقاع موالى الخزرج، فاعف عن بنى قريظة موالينا، ووافقوا على الاحتكام إلى سعد بن معاذ وكان ما حكم به، واتفقوا على أن المقاتلة هم «إثبات الشعر الخشن حول الفرج (شعر العانة)»، فمن نبتت عانته فهو مقاتل ويقتل، وحبسهم فى دورهم فى المدينة وأمر بحفر خنادق وسحب المقاتلة، وضربت أعناقهم فرادى، فى رواية ما بين سبعمائة وثمانمائة نفس، وأخرى ما بين ثمانمائة وتسعمائة، وقسمت أموالهم على المسلمين بعد الخمس، أما عن الأسرى فقد سحبهم سعد بن زيد إلى نجد وكانوا ألفا، فابتاع بهم خيلا وسلاحا، واصطفى النبى لنفسه ريحانة بنت عمرو بن خناقة. هذه على عجالة نهاية يهود بنى قريظة، نقرؤها من مصادرها فى السيرة الحلبية، والبخارى. فهل مطلوب أن نصدق رواية على هذا النحو عن رسول الرحمة؟، وهل يأمر الله من فوق سبع سماوات على لسان من رغب فى الانتقام بقتل تسعمائة شخص، وسبى أطفالهم ونسائهم، حتى لو كانوا خالفوا العهد مع النبى، أو شجع البعض منهم قريشا، فهل تكون هذه عقوبتهم؟ وهل تشمل العقوبة المظلومين منهم ولا دخل لهم بنقض العهد؟ وهل حين يرفض العقل هذا عن النبى الرحيم، نتهم بإنكار ما هو معلوم من الدين بالضرورة؟ قتل المظلوم فى عالمنا من الرجال والنساء والولدان يوم رددوا هذه الرواية فخرا على المنابر، ولا أعرف ما فيها من الفخر؟

أطفال المسيحيين قتلوا عندما تفاخرنا بهذه الرواية الغريبة عن نبى الرحمة، واعتبروها واقعا وسندا وسنة يحتذى بها ويعمل بها، وقدمناها عن خلقه العظيم ورحمته للناس أجمعين. قتل أطفالنا يوم عجزنا عن حمايتهم من السلفيين وظلمهم وعنتهم، قتل الأطفال يوم أحرقوا الكنائس والأديرة واستباحوا حقوق الناس وأحيل بينهم وبين كنائسهم وإقامة شعائرهم وعباداتهم، وبين بيوتهم قسرا دون حماية، وترك الأمر إلى جحافل السلفية تتحكم فى عباد الله من المسيحيين تارة بالقهر والعنف، وتارة بالمصالحة الجبرية والتى يقبلها المسيحى مضطرا، فلو ضربت الدولة على يد هؤلاء ما تجرأ عليهم أحد، وما نفذ متطرف حكما على أحد بالقتل أو إقامة الحد عليه.

أطفال المسيحيين قتلوا عندما خرج علينا المشايخ والأئمة على المنابر الرسمية والقنوات الفضائية يعلنون كفرهم، وفساد عقيدتهم، ويحتقرون أفكارهم ورموزهم الدينية على الملأ، ولا يكفرون داعش لأنهم أهل قبلة، ويعتبرون أفعالهم أفعال كفر وبغى فقط، فإذا كان الكافر المسيحى لا يقتل ولا يسرق ولا يزنى ولا يأسر ولا يسبى ولا يذبح ويصبر على البلاء، ويصلى ويدعو للقاتل بالهداية، فكيف بالله ينعتون داعش بهذا الوصف، ويشرفونهم بهذا التشريف، وهل هذا الشرف فيه من الكفر؟

إن ما يؤلمنى ويزعجنى ليس الإرهاب الذى نواجهه جميعا مسلمين ومسيحيين فقط، بل الاعتقاد الفاسد لدى قطاع عريض فى المجتمع بصدق ما يقوله هؤلاء المشايخ، ورسوخه لدى قطاع ليس بالقليل، ولا يقف الأمر عند هذا، بل يتخطاه إلى حكم الكافر لدى بعض المتطرفين وهذا هو القادم الأسوأ، ولا يصح علينا أن نترك هذا حسب أمزجة الناس وتربيتهم ومدارسهم الفكرية.

وهذا ما أتوجه به إلى السيد رئيس الجمهورية كان الله فى عونه، فالدولة تستطيع أن تستجمع قواها وهمتها إذا أرادت فى لحظة واحدة، وهذا ما نراه فى استعادة أراضى الدولة، كشرت عن أنيابها، وظهرت قوتها وبأسها، ونفذت ما عجزت عنه الدولة فى سنوات طوال فى أيام معدودة. ونحن أحوج إلى توجيهاته فى هذا الأمر، فهو الأخطر والأسوأ والأظلم. فلنستجمع همة الدولة كاملة فى القضاء على الظاهرة، ونرسخ قاعدة أساسية وهى احترام عقائد الآخرين، وتفعيل القانون الوضعى، فلا يخرج علينا فى مساجدنا ومنابرنا من يتحدث عن عقائد الآخرين تماما، وأن تقام شعائرهم وتبنى وترمم كنائسهم بقوة القانون، وفى حماية الدولة ويطبق قانون الطوارئ على من يحول بينهم وبين حقوقهم كمواطنين من الدرجة الأولى، وكل من يتناول عقائد الآخر بالتحقير أو التجريح من السلفيين أو غيرهم تكون النيابة خصمه، وهذا حقها الأصيل فهى وكيل عن الشعب ولا تنتظر أن يحرك الدعوى مسيحى وهو فى الغالب مقهور ويخشى على نفسه وأهله، وغير هذا كثير وأهمها الإسراع فى إنشاء الهيئة العليا لمكافحة الإرهاب من علماء متخصصين فى كافة المجالات لرسم خريطة واضحة لمكافحة الإرهاب، والأهم سد منافذ ومنابع التطرف التى نصنعها بأيدينا.

القس حنا أيوب راعى كنيسة الإيمان بكفر الدوار يرد على قتل الأطفال بتنظيم قافلة الخير للأهالى قريتى «الفاخرة » «والتمامة» وتوزيع شنط رمضان على المحتاجين من المسلمين تغلفها كلمات من المحبة والرضا، كم هى قلوب عامرة بالحب والمودة والمحبة، لا تغضب ولا تنتقم كما فعل سعد بن معاذ، الذى مات بعد حكمه ونفاذه، قالوا عن جنازته كان خفيفا وكانه يطير، فقد حملته الملائكة!! سبحانك ربى عندما تكون الكذبة بجناحين فعلا تطير!! داعش والإرهاب الأسبوع القادم.

adelnoman52@yahoo.com

"المصري اليوم"

  كتب بتأريخ :  الخميس 01-06-2017     عدد القراء :  2937       عدد التعليقات : 0