الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
انتصرنا ولكن!

لقد حققت الإرادة العراقية الموحدة ممثلة في قواتنا المسلحة بمختلف تشكيلاتها، وبدعم إقليمي ودولي، نصرا عسكريا ساحقا على قوى الإرهاب، وسحق « داعش « تحت اقدام « أولاد الملحة» والشرفاء من أبناء المدن المحتلة. وتوج هذا الانتصار بعودة مدينة الموصل، ثاني أكبر مدن العراق، إلى حاضنتها الام، بعد تحرير مدن أخرى مثل الرمادي وهيت وبيجي وتكريت والفلوجة..

ومثل اية حرب، فإن النتائج المترتبة وخيمة وكارثية : مئات الالاف من الشهداء طرزوا آيات النصر بدمائهم الزكية. آلاف الضحايا من المدنيين. أرامل وايتام وثكالى. تخريب للمدن ولبناها التحتية. هدر بالأموال التي يمكن لها أن تبني اوطانا. مئات الالاف من النازحين واللاجئين. والأهم من ذلك تخريب بعض الأنفس وتمزيق النسيج الاجتماعي!

فكيف نستطيع إعادة الدورة الطبيعية للحياة الاجتماعية والاقتصادية في تلك المدن على إثر هذا الانتصار الكبير، دون العودة الى حرب جديدة؟!

الانتصار على داعش عسكريا هو ليس بالنصر النهائي، لأن خطورة هذا التنظيم ما زالت قائمة إذا لم نسعى لتجفيف منابعه، وبالأخص منابعه الفكرية، التي يمكن لها أن تلد تنظيما جديدا، لا يقل سوءا عن الأول!

إعادة أعمار المدن وعودة اللاجئين والنازحين قضية يجب أن تلقى اهتماما خاصة مع وجود دعم دولي جيد. وإعادة بناء «الإنسان» هي قضية أخرى ملحة يجب أن لا تغيب عن أذهان الجميع. وهذا يحتاج وقفة جديدة للتمعن بما تركته داعش من أفكار متطرفة بالية، قادرة على أن تكون قنبلة موقوتة قابلة للانفجار في اية لحظة! ولا بد في هذه الحالة أن تتوحد إرادة العراقيين مجددا من أجل مصالحة تاريخية حقيقية يساهم فيها كل من يمتلك حرصا على سلامة الوطن وأهله. وأول ما يستوجب ذلك هو الحد من الخطاب الطائفي، من اية جهة كانت، والضرب بيد من حديد لكل من تسول له نفسه، إثارة الضغائن الطائفية!

لذا فنحن في حاجة الى اعادة تأهيل للمواطن العراقي، منذ نشأته الأولى في العائلة، على فكرة التسامح والتآخي بين أبناء الوطن الواحد. ويتوجب لاحقا إعادة النظر في المناهج الدراسية من الحضانة والروضة إلى الجامعة. فليس من المعقول أن ندرب طفلا في مراحله الدراسية الأولى على «غسل الميت» ونحرمه من درس النشيد!

المغالاة في الدين هو النافذة الأولى لتشكل التيارات المتطرفة. فلا بد إذا من منع مظاهر المغالاة تلك عبر تشريع قانون صريح يحاسب محاسبة شديدة التطرف بكل أشكاله والوانه..

ولكي نمتلك القدرة على تشريع مثل هذه القوانين التي تحمي المجتمع، لا بد لنا من شن حرب متواصلة ( من دون إطلاق نار ) ضد الفساد والفاسدين الذين يشكلون الوجه الآخر للإرهاب، دون أن ننسى محاسبة المقصرين في أداء واجباتهم الوطنية الكبرى والتي أدت إلى ضياع مدن عامرة بيد قوى الإرهاب.

إذا لم نقم بهذه الخطوات مجتمعة فإن الانتصار العسكري الكبير الذي تحقق اليوم سيفقد مغزاه!

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 12-07-2017     عدد القراء :  2484       عدد التعليقات : 0