الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
عشرون عاما على غياب الجواهري!

حين أخبرت الفنان الراحل محمد سعيد الصكار بخبر رحيل الشاعر العملاق محمد مهدي الجواهري، قبل عشرين عاما، (حينها ما زلنا نعيش في المنفى الباريسي ) قال بأن قدميه لم تعد تحملان جسمه الضئيل. فهل كان خوفه من فكرة الموت؟

أجابني لاحقا بأن الرعب الذي انتابه برحيل الجواهري هو شعوره بأن قمة الشعر العربي قد هوت!

وهذا هو ما حدث حقا، وها هي ذكرى رحيله العشرين، تمر غدا، دون أن نجد منْ يستطيع أن يحتل مكانة الجواهري.

أتساءل ماذا لو كان الجواهري مصريا أو لبنانيا أو من اي بلد يحترم رموزه، فهل ستعامل ذكراه بهذه البرودة التي تقشعر منها الأبدان والاوطان؟!

اكثر المختصين والمهتمين وشعراء كبار من المشرق والمغرب يعتقدون بان الجواهري اقفل قلعة الشعر الكلاسيكي العربي بمفتاح من ذهب ووضعه في جيبه!

لقد حاول اتحاد الادباء والكتاب والعراق ومنذ 2003 ( والجواهري هو من اسس هذا الصرح الادبي، وكان اول من ترأس هيئته الادارية الاولى ) ان يقيم مهرجانا باسم الجواهري، وبامكاناته الذاتية المحدودة، ولكن العتب على الدولة العراقية بكل مؤسساتها المعنية, والتي لم تتوقف بشكل جاد عند ذكرى رحيله العشرين, ونخص بالذكر وزارة الثقافة التي يفترض ان تكون هي المعنية الاولى باقامة احتفالات ونشاطات ادبية تكرس لشعر وشخص الجواهري.

وكان يمكن لوزارة التربية ان تحث الطلبة على استقبال هذه الذكرى بحفظ قصائد للجواهري وقراءتها عند رفع العلم خاصة وان ذكرى رحيله, هذا العام, تصادف يوم الخميس!

كم كنت اتمنى ان يكون الجواهري شاهدا حيا في أيامنا الملتبسة هذه؟!

على ما يجري في عراقنا اليوم من فساد انتجه نهج المحاصصة المقيت، ومن خطابات طائفية شوفينة من اطراف مختلفة!

ترى ماذا سيقول فيهم؟ هل سيعيد قصديته الساخرة بحقهم:

أي طراطرا تطرطري تقدمي تأخري / تشيعي ، تسنني ، تهودي ، تنصري / تكردي ،تعربي ،تهاتري بالعنصرِ/ تعممي تبرنطي ،تعقلي تسدري / كوني - إذا رمت العلا - من قُبُلٍ أو دُبُرِ!

ام ان الجواهري سوف لن يكتفي بالقول, بل انه سيحث الخطى حيث التظاهرات المطالبة بالتغيير الحقيقي في ساحة التحرير، ليعيد اليه واليهم المجد كما فعلها في مؤتمر اتحاد الطلبة 1949 وقبلها في وثبة كانون 1948.ويتوجه إلى الفاسدين بتلك القصيدة التي كادت ان تودعه السجن:

انا حتفهم، الج البيوت عليهم / اغري الوليد بشتمهم والحاجبا !!

حيا في أيامنا الملتبسة هذه؟!

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 26-07-2017     عدد القراء :  2316       عدد التعليقات : 0