الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
سيادة النائب.. الرضيعة أحلى

السيد النائب أحمد سميح، عضو البرلمان المصرى، يتقدم بمشروع قانون يطالب فيه بخفض سن الزواج للبنات من ثمانية عشر عاماً إلى ستة عشر عاماً، بارك الله لنا فيك سيادة النائب فقد أديت ووفيت وأصبت، فلم يبقَ لنا من المشاكل سوى ستر الصغيرات، بعد أن تزوجت كل اللائى فاتهن قطار الزواج، وانصلح حال التعليم والصحة ولقمة العيش والبطالة، وميزان المدفوعات والمواصلات وحوادث الطرق والسياحة والأمن الجنائى، وقام أعضاء البرلمان بواجبهم الدستورى كاملاً من سَن كل التشريعات التى تطلبها المرحلة الحالية، وتقديم الاستجوابات المطلوبة، وطلبات الإحاطة فى محلها، ومراقبة أداء الحكومة التى ألهبت نار الغلاء، وتركت الشعب يطفئها بنفسه حتى خارت قواه وعجز عن الصمود، ولم يعد ينقصنا من أمورنا وأحوالنا سوى تزويج المراهقات الصغيرات، وهذا عمل جليل تقدمه للوطن هذه الدورة، والدورة المقبلة يتقدم نائب آخر بمشروع يطلب تخفيض سن الزواج من ستة عشر عاماً إلى عشر سنوات، حتى نصل بفضلكم إلى نكاح الرضيعة، ونكون وبحمد من الله قد عدنا سيرتنا الأولى لأكثر من أربعة عشر قرناً، ولا عزاء للطفولة البريئة، وللصغيرات اللائى يموت منهن الآلاف إما من الحمل المبكر، أو النزيف والإجهاد من اغتصاب الفحول البشرية، ودهسهن وركوبهن بواسطة البغاة الطغاة الذين لا يجيدون من أمور الدنيا سوى الاعتلاء والامتطاء، وكأن البالغات لا يمتعن ولا يشبعن، ويتمتعون بالوراور يقزقزونهن كالفراخ الزغب. ولك كل الحق فقد أجاز الفقهاء عقد نكاح الصغيرة حتى الرضيعة، والدخول بها فى التاسعة، وقبل التاسعة إن طاقت وتحملت الوطء، أو كانت ممتلئة اللحم والدهن، أما الرضيعة فيجوز الاستمتاع بها بالمفاخذة فهى طرية ورطبة وناعمة.

أليست هذه مؤامرة على الوطن؟ وهل هذه الفوضى والخرافات والأوهام والتخلف والجهل وعبادة التراث إلا نتائج هذه المؤامرة، ومحصلة المكائد، وخاتمة التواطؤ، وخلاصة الدسائس، ونهاية المطاف للمتآمرين على الوطن؟

ألا تشعر أن هناك من يدفعنا دفعاً إلى هذا التخلف وهذا الفقر وهذا الوباء والفناء من بنى جنسنا وجلدتنا، حتى يظل فى نعيمه وثروته ورخائه، ونظل نحن على هواه تابعين، وملتزمين بما يريد ويرجو؟

ما بالنا نسبح عكس التيار، ونتفاخر بتاريخ مزيف وفاضح، الغزو فيه بطولة، والاستيلاء فيه على حقوق الغير حق، وسبى النساء فيه شرف؟ ما بال العالم يتقدم من حولنا فى عز ورخاء ورغد من العيش، وحرية ومساواة وتفوق فى العلم والإبداع والفن، ونرد تخلفنا إلى البعد عن منهج الله، وهل الكفار على منهج الله سائرون؟. ما هو سر تخلفنا؟. السر هاهنا، يعلن الأطباء أن زواج المراهقات يعوق النمو الطبيعى للبنات جسدياً ومعرفياً وعاطفياً، ويعرضهن الحمل المبكر إلى مخاطر الموت (خمسون ألف مراهقة تموت فى العام من مضاعفات الحمل المبكر فى العالم) وأطفالهن عرضة للمضاعفات والأمراض، والضعف العام، وعدم نموهم نمواً طبيعياً، ويصرون على زواج الصغيرات، لأن النبى قد تزوج عائشة فى ست سنين ودخل بها عند التاسعة. ما بال هذه بتلك؟

يؤكد العلم أنه لا سبيل إلى الشفاء إلا بالطب والتداوى والعلاج، ويصرون على التداوى والعلاج ببول الإبل والحجامة والرقية الشرعية. يؤكد العلم أن مدة الحمل فى رحم المرأة لا يزيد على تسعة أشهر وبضعة أيام، حتى لا تصاب المشيمة بالشيخوخة، فيموت الجنين أو الأم، ولم يحدث فى تاريخ البشرية كلها ونساء العالمين منذ خلق الله الدنيا أن حملت امرأة جنيناً فى رحمها يوماً واحداً زاد عن مدة حددها العلم، ويصرون أن علم الأئمة أصدق، وأن الحمل أقصاه عند الشافعية والحنابلة والمالكية أربع سنوات، وفى قول آخر عند المالكية خمس، وعند الحنفية سنتان، ونكذب الأطباء ونصدق الأئمة، ونكذب كل أرحام النساء، ونصدق رحم امرأة محمد بن عجلان جارة الإمام مالك التى وثق فيها، والتى حملت ثلاثة أبطن فى اثنتى عشرة سنة، تحمل كل بطن أربع سنين.

تنجح الدول التى تنتهج المدنية والعلمانية نظاماً لها، وتقف بحيادية مع الأديان جميعها، وتسلك بالعلم طريق النجاح، ويلتزم الجميع بالقانون الوضعى حكماً، وتصيب الدول جميعها تقدماً على كل المستويات فى الصحة والتعليم والأمن والمواصلات وتحقق لشعوبها الرفاهية والأمان والمواطنة الحقيقية وحرية الرأى والفكر والعقيدة، وتبرهن على فشل كل الدول الدينية، وهى حقيقة واضحة ومقروءة ومسموعة، ويصرون إصراراً على أنهم يحملون مفاتيح الفلاح والنجاح، وأن سبب تخلفنا هو البعد عن منهج الله وليس الأخذ بأسباب العلم والحضارة والحداثة، بل الأدهى مصرون على محاربة الحضارة والعالم أجمع، وحمل السيف لقتالهم وجهادهم، تحفهم الملائكة وتقذف فى قلوب أعدائهم الرعب، ولم يسألوا لنا الملائكة يوماً اكتشافاً علمياً، أو اختراعاً مفيداً، أو زراعة مليون فدان، أو اكتشاف بئر بترول، أو تفجير ينبوع ماء، حتى يأكل ويشرب فقراء المسلمين بدلاً من قتال الغير، وكأن مهمة الملائكة حمل السلاح لمحاربة هذا التقدم والحضارة وتحويلها إلى خراب ودمار، ويتصورون أنهم بهذا سيقيمون دولة الخلافة، وهى فى ذاكرة التاريخ مثال سيئ على القهر والظلم والاستبداد.. هل وصلت إجابة السؤال؟

سيادة النائب.. ارفع فعلك هذا عنا، فلا مساومة يوماً على حقوق اكتسبتها المرأة، وخرجت منتصرة على عمامة وعباءة المشايخ، وسارت فى ركاب القوانين الدولية التى تعتبر الطفولة حتى سن الثامنة عشرة، تستمتع بطفولتها، وينمو عقلها وجسدها، ويكتمل نموها وتصبح قادرة صحياً وعلمياً وثقافياً على تحمل المسئولية، حتى تستطيع أن تربى جيلاً قوياً، سليم البنية قادراً على حمل الأمانة متزناً صحياً ونفسياً. وستتزوج فى اليوم الذى يؤهلها جسدها وعقلها لذلك، وعلى السيدات النائبات الانتباه!!

adelnoman52@yahoo.com

"الوطن" المصرية

  كتب بتأريخ :  الأحد 20-08-2017     عدد القراء :  2850       عدد التعليقات : 0